يتعرف الإنسان خلال مشوار حياته على أنواع عديدة من المشاعر الإنسانية منها ما هو سلبي ومنها ما هو إيجابي، لكن في النهاية يجب أن نعترف أن مزيج المشاعر تلك هي من تصنع ردود أفعال وسلوكيات وقناعات البشر تجاه بعضهم البعض وليس القبول أو الرفض وحدهما من يفعلان ذلك.
من أسوأ ما يمكن أن يواجهه الإنسان من مشاعر سلبية مشاعر الخيانة التي تستغل ثقة الشريك بشريكه وتستغفل منطقة الأمان والطمأنينة فيه وذلك مهما كان نوع العلاقة بين الشركاء "تجارةـ زواج...."..الخيانة أداة قتل صنعتها نفس الإنسان الأمارة بالسوء، وهي من أحقر اللعب التي يستخدمها البشر للوصول إلى الإثم الذي يحاك داخل صدورهم بعيداً عن أعين الناس، هي سلاح الضعفاء والجبناء وتلك الفئة الوضيعة من الناس، الذين يمضغون الدناءة وييبصقونها من وفي إناء واحد، إنها السلوك المشين الذي يصور الإنسان عارياً من الفضيلة، فقيراً إلى العفة والطهارة، بريئاً من الحياء والخجل.. الخيانة علامة ضعف قوية وإشارة سقوط واضحة في بئر الانحلال الأخلاقي، لأنها تهميش لصوت الضمير وإغفال لوجود الوازع، الخيانة سلوك شيطاني مقزز وهي أداء عملي لمفردة ضحلة لا يمكن أن ينفذها إلا من ملك الجرأة على المعصية والقدرة على إتيان السوء.
ولهذا كان لمعشر الخونة في وجوههم سمة واضحة، هي الجرأة والوقاحة وقلة الحياء والدين، تنضح وجوه هؤلاء بالدياثة وترتسم على محياهم نقوش البؤس والقنوط.
من هنا كان للأمانة في ديننا منزلتها العالية في هرمنا الأخلاقي، فهي نقيض الخيانة والوجه الآخر لها، وجه يشع بالسمو والرفعة يؤطره الخوف من ملك الملوك ويظهر ملامحه بقوة رقي هذه النفس الضعيفة واعتدالها ورغبتها في إيصال ما أؤتمنت عليه وكانت مستودعاً آمناً له.. بون شاسع بين من يقطع مسافات الحياة بطولها وعرضها قابضاً على مشاعره، محتوياً سلوكياته حتى يلقى ربه، ومن يقضي عمره متفلتاً من عقال أخلاقه باحثاً عن ما يسد رمق هواه دون أن يعلم أنهُ قد يصل بين يدي ربه عارٍ من كل ما يمكن أن يخفي معالمه المنحلة في سوق الغفلة.. وللخيانة وقع مخيف على النفس، إذ يشعر المرء حين يسمع عنها بأن الحياة لم تعد بخير وأن هناك من يتربض بغفلتك أو يتعمد إدخالك في دوامة نسيان معتمة وأن عليك أن تبقى يقظاً وأن الحذر لايجب أن يفارق سلوكك أبداً وهذا بمجمله يخضع أعصاب الإنسان للتلف
ما أريد قوله أن الخائن حين يفعل فعلته يغيب عنه شيء هام للغاية، إنه يخون نفسه قبل أن يخون غيره مهما كان نوع الخيانة التي افتعلها.
ألطاف الأهدل
في معنى الخيانة 2177