انطلاقاً مما جاء في الحديث النبوي الشريف "المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم" وفي ظل هذه الثورة المباركة التي كان وبلاشك للجماعة السلفية حضورها المتميز، بانخراطها وتأييدها للثورة من وقت مبكر لانطلاقها، وكذا بمواقف أبناءها ورجالها الحاضرين في المسيرات والاعتصامات والمشاركة في تشكيل اللجان والمجالس الثورية وفي جميع ساحات وميادين الحرية والتغيير، ومروراً بتمثيل أنفسهم بالمجلس الوطني لقوى الثورة وصولاً إلى مشاركتهم الفاعلة في الانتخابات الرئاسية المبكرة.
هاهم اليوم ـ الجماعة السلفية ـ وبخطوة شجاعة، وعلى قدر عالٍ من المسؤولية والحنكة، يعلنون مشاركتهم في الحياة السياسية ومن خلال ما اختاروه من مسمى لحزب تتجمع فيه كل معاني الوطنية والوحدة والأصالة والمعاصرة، باتحاد الرشاد اليمني، حيث وأن إقدامهم على مثل هذا العمل ـ باعتبار أن الجماعة السلفية مكون كبير له تأثيره في حياة وواقع الناس تنامي الوعي الإسلامي كذلك ـ دليلاً واضحاً لرفض الجمود والانغلاق، خاصة وأن التغيير حاصل وأصبح لا مفر منه وستنشأ عنه أوضاع جديدة، بغض النظر عن طبيعة ومستوى هذه الأوضاع، غير أنها بالتأكيد ستكون أوضاعاً أفضل، وأن هذه الأوضاع لا بد أن تشكلها جميع القوى دون إستثناء وأنه لن يكون بمقدور طرف إقصاء الآخرين، باعتباره ليس الوحيد الذي فرض هذه التغييرات أو تسبب بها.
وهنا إن كان هناك ثمة ضرورة لحضور وتواجد بعض القوى فهي من باب أولى للقوى الإسلامية صاحبة المشروع الإسلامي المتجدد، المواكب لدواعي التطور والتغيير، الحاضن لتطلعات وآمال الشعوب، المستجيب لأهداف وغايات الثورات المباركة.. ولذلك فإنه وبالقدر الذي نبارك فيه لاخواننا السلفين تجاوزهم هذه المرحلة الهامة في الإعلان عن تأسيس كيان سياسي لهم، القدر ذاته ـ أو يزيد عنه ـ ندعوهم منطلقين في دعوتنا من نظر الكثير من الناس لهم بعين التفاؤل والأمل لما يحمله رصيدهم المجتمعي والخدمي من تفانٍ من الخدمة وجلب الخير للآخرين، وحضورهم المتميز في حياتهم، وكما هم خلاصة الخلاصة في الجانب الدعوي والخيري على مدى الماضي الطويل والحاضر المستدير، هكذا نريدهم في المستقل القريب وهم يخوضون رحلة العمل السياسي، يقدمون لنا فكراً إسلامياً نقياً وعملاً سياسياً متميزاً من خلال تبني المشروع الملبي لآمال وتطلعات المجتمعات، وإتاحة الحرية للناس وصون كرامتهم وحقوقهم مع الاستيعاب للاختلافات مهما كانت وفي إطار القيم والمبادئ والمرجعية المشتركة، وإقامة حكم عادل ودولة مؤسسات وسبل عيش كريم وهي من أهداف الحكم في الإسلام ومن مقاصده النبيلة والتي أصبحت اليوم مطالب شعبية، وإن أي خطاب أو مشروع قادم ـ بمختلف مرجعياته ـ لا يتبنى مطالب الشعوب لن يكون ـ بالضرورة ـ مؤهلاً لتلقي هذا الخطاب بالقبول له وفق أرادة حرة وبعيداً عن أي إرهاب أو خوف، فالناس تطالب بالعدالة واستقلال القضاء ومحاربة الفساد والظلم ودولة النظام والقانون الذي يقف أمامه.. الناس جميعاً سواسية، لا فرق فيه بين ملك أو ممولك، تصان فيه الكرامة الإنسانية وتنال الحقوق، ويعمل على إزالة كل أشكال الفوارق والمعوقات الظالمة، كالمناطقية والقبلية والمذهبية والحزبية والأسرية.
وهي أمور إذا وجدت قربت الناس من ذلك المشروع، كما هي دعوتنا لهم ـ الجماعة السلفية ـ إلى الاستفادة من تجارب الآخرين، من سبقهم إلى العمل السياسي وخصوصاً التيارات الإسلامية، لتفادي ما كان سلبياً من جانبهم والحرص على الايجابي لهم، مع قدرٍ من الانفتاح على الآخر بالقدر الذي يحفظ لهم هويتهم الأصلية، ولا يخرج يهم عن هدفهم الكبير.. ولعل حسبي في هذا هو المباركة وطلب السيرو تعجيل الخطئ، خاصة وأنا أعلم يقيناً قدرتهم على ذلك، ولقد شاءت لي الأقدر أن أكون حاضراً في كل فعاليات المؤتمر السلفي المنعقد لمدة يومين بدعوة من صديق، المنبثق منه هذا الكيان السياسي، فرأيت فيما رأيت وسمعت فيما سمعت من خلال الأوراق والبحوث التي قدمت مستوى رفيعاً من الطرح، والتأصيل في تناول القضايا ووضع الحلول وفق منهج علمي قائم على البحث والاستقراء، أيقنت حينها بأن حزب اتحاد الرشاد اليمني "السلفي" سيمثل إضافة نوعية للحياة السياسية وإثراء مسبباً ولوزمياً للعمل السياسي.. متمنياً لهم كل التوفيق.
علي أحمد الأسودي
خلاصة الخلاصة في ممارسة السياسة 1547