تتعرض "أخبار اليوم" منذ أسبوعين لحملة من المصادرة والحرق والاعتداءات التي طالت موزعيها وهو ما يستدعي وقفة جادة من السلطة ممثلة برئيس الجمهورية والنائب العام ووزير الداخلية والأجهزة الأمنية في تلك المناطق التي تمت فيها التقطعات للموزعين وحرق آلاف النسخ في سابقة خطيرة، وتهدد الصحافة وحرية النشر والتعبير في مقتل.
نختلف مع "أخبار اليوم" أو نتفق، لكن هذا التفاعل الفكري يجب أن يظل في إطار الرأي والفكر والتوجهات السياسية، أما التقطعات والحرق والمصادرة، فهذا إفلاس سياسي وعمل لا أخلاقي وجريمة تستدعي وقفة جادة من السلطة والتضامن الفاعل من نقابة الصحفيين وعموم الإعلاميين والمنظمات المدنية والمؤسسات المهتمة دعماً لحرية الصحافة والتعبير والاختلاف بالرأي الذي لا يفسد للود قضية.
أتضامن كقارئ مع "أخبار اليوم" التي اعتبرها جزءاً أساسياً من احتياجاتي اليومية وأرى أن الاعتداء على صحيفة وحرقها ومصادرة باصاتها سلوك همجي لا يمت إلى حضارة أبناء الجنوب ومدنيتهم ورقيهم ووعيهم بصلة، بل سلوك دخيل عليهم وينذر بعسكرة الحراك وتشويه قضية الجنوب وتصفيتها والإساءة إليها.
من مصلحة فصائل الحراك حتى ذلك الفصيل المسلح الذي يتبنى الانفصال أن يبقى على علاقة طيبة مع الصحافة ووسائل الإعلام وإذا كانت متضررة من طرح الصحيفة لقضية الجنوب وتناولها لممارسات الحراك، فعليها أن ترد على الصحيفة وحق الرد مكفول، ما لم فالقضاء هو الجهة التي يجب أن تتحاكم إليها التيارات السياسية والنخب والأفراد بشكل عام.
وطالما أن عصابة الحوثي كان لها يد في أحداث العنف في المناطق الجنوبية خلال الانتخابات الرئاسية، فأنا لا أستبعد أن يكون لها دور كبير، فيما يحدث لـ"أخبار اليوم" من قرصنة ومصادرة وحرق، خاصة وهذه العصابة الإجرامية قد نشطت مؤخراً في إطار الدور التخريبي للتيار الإيراني باليمن والذي نجح في استيعاب بعض فصائل الحراك ولديه أجندة تخريبية وخطة عسكرية تشمل تدريبات لمئات من غلاة الحراك والقيام باعتداءات على الجيش والمؤسسات الحكومية واغتيال شخصيات وطنية وقيادات فاعلة في المعارضة وخلق الفوضى والقلاقل والاضطرابات حتى يتمكن الحوثيون من التوسع في الشمال وينجح الانفصاليون من الانفصال بالجنوب وهو حلم سيفشل، لأنه يستهدف اليمن ووحدته ومصالحه الحيوية والإستراتيجية.
تجاوزت بالحديث عن "أخبار اليوم" وضرورة الوقوف والتضامن معها ومع طاقمها المناضل في ميدان الكلمة وساحة الحرف إلى الحديث عن الحوثيين والحراك المسلح، إذ أن الحديث عما يحدث لـ"أخبار اليوم" من اعتداءات يقودنا حتماً إلى الحديث عن هذه الجماعات، كونها وراء هكذا ممارسات يدينها ويستنكرها عقلاء الحراك الجنوبي قبل غيرهم.
"أخبار اليوم" صحيفة تحمل آلام أبناء الجنوب وآمالهم وتكاد تكون الصحيفة الوحيدة التي تغطي الأخبار والأنشطة والفعاليات في المحافظات الجنوبية ولها طبعة خاصة بالجنوب وحرق هذه الصحيفة ومصادرتها ليس نظراً للقضية الجنوبية ولا يحسب كنقطة قوة للحراك المسلح، بالعكس يحب على الحراك ويسيء للقضية الجنوبية ويضع السلطة والأجهزة الأمنية في تلك المناطق أمام تحدٍ ومسؤولية حماية هذه الصحيفة وضبط الجناة وتقديمهم للمحاكمة، فهل ستنجح في هذا الاختبار؟! أتمنى ذلك.
محمد مصطفى العمراني
مع "أخبار اليوم" وضد مصادرة الصحف وتكميم الأفواه 2197