الأخ/ رئيس الجمهورية: إنه وفي الوقت الذي كنا نتوقع الانفراج السريع في الأزمة القائمة بين أعضاء السلطة القضائية وبين مجلس القضاء الأعلى والحكومة بشأن مطالبهم المتعلقة بحقوقهم وحمايتهم منذو شهر تقريباً وأخيراً تأزمت الأمور عندما أُغْلِقَت الأبواب عن مطالبهم، الأمر الذي أدى إلى انعقاد المؤتمر الأول للمنتدى القضائي في محكمة استئناف محافظة إب وشارك فيه القضاة وأعضاء النيابة من مختلف محافظات الجمهورية ومن نتائج المؤتمر التقرير بإيقاف العمل القضائي بالمحاكم والنيابات حتى يتم الاستجابة لمطالبهم وذلك بعد أن علقوا الأعمال في بعض المحاكم والنيابة في الأسابيع الماضية وبعد أن حددوا أياماً معلومة للوقفات الاحتجاجية في محاكم الاستئناف بالمحافظات وبينوا مطالبهم وكانت النتيجة من مجلس القضاء الأعلى ومن الدولة ما قاله الشاعر :
لقد أسمعت لو نادت حيا
ولكن لا حياة لمن تنادي
ولو نارا نفخت بها أضاءت
ولكن أنت تنفخ في رمادي
وكلنا يعلم أن التركة التي ورثتموها أيها الرئيس بعد النظام السابق لثلاثة عقود ونيف ثقيلة وكبيرة ولكن هذا لا يعفيكم من النظر ببصر وبصيرة في مطالب أعضاء السلطة القضائية المشروعة وتلبيتها، فبحلها ستكونون قد حليتم ما يعادل نصف مشاكل اليمن وبذلك ستتفرغون لحل مشاكل النصف الأخر الموروث من النظام السابق وسَتُحَل مشكلة تِلْوَ الأخرى ثم يستقيم أمر اليمن ويصلح شأنها، فتتجه نحو التنمية والبناء والرخاء الاقتصادي والمادي وبناء دولة القانون والمؤسسات، أما إذا ما أعرضتم عن مطالبهم وصُمّتْ أذانكم عنها، فتوقعوا الفشل الذريع للدولة والحكومة وسيتحول اليمن إلى ما يشبه الغابة المليئة بالحيوانات المفترسة والسامة، فحياة الشعب وأمنه واستقراره والعيش الكريم فيه لن يكون إلا بوجود القضاء القوي المستقل مالياً وقضائياً وإدارياً، فها أنتم تواجهون عدداً من التحديات وعلى رأسها تنظيم القاعدة وهيكلة الجيش والأمن وذلك جزء من المخلف الموروث من النظام السابق في عدد من المحافظات، فإلي أين سَيُحَال المقبوض عليهم ؟ أليس إلى القضاء ؟ ومن سيحاكم قطاع الطرق والسرق والقتلة والفاسدين وو.. الخ ؟ غير القضاة وإذا أغلقت المحاكم والنيابات أبوابها فمعناه القضاء على كل مقومات الحياة وستصبح بدونها محالاً وستتحول البلاد إلى عصابات سلب وقتل ونهب ليس في الليل بل في وضح النهار .
نحن الآن في يمن جديد، يمن ما بعد الثورة الشبابية السلمية التي أسقطت نظام صالح ولذا نريد منكم أن تؤسسوا لنا سلطة قضائية مدنية مستقلة لان السلطة القضائية السابقة المتهالكة العسكرية كانت نِتَاجَ نظام عقيم فاسد فاشل فصّلَهُ لنفسه واستمر قضاءً ضعيفاً مسلوب الحقوق والسلطة والاستقلالية وكان ذلك من أسباب فشل النظام واندثاره، فالشعب يريد منكم قضاءً مدنياً يُحَكّمُ شرع الله ويطبق الدستور والقوانين النافذة لا سلطان عليه لغير الشرع والقانون ولا تتدخل بشأنه سلطة تنفيذية أو تشريعية بل تحتكم إليه السلطتان المذكورتان والشعب على حد سواء، كما أن الشعب يريد قضاءً لا عسكرة فيه، لان عسكرة القضاء تعني خرابه ودماره وضياع حقوق المتقاضين وعليك أن تُنَقّي القضاء من الشوائب المؤثرة عليه، فأنت أيها الرئيس رجل عسكري وتعلم أن الزعماء العرب المخلوعين كانوا عسكريين ومنهم الرئيس اليمني السابق فالقضاء كان جزءاً منه ضباط برتبة عقيد أو عميد أو غير ذلك وكان عملهم الرئيسي هو التتميم للرئيس السابق بالقول نعم يافندم وحاضر يافندم مع رفع اليد اليمنى إلى ما يحاذي العين اليمين والرجل اليمنى التي ترتفع ثم تضرب على الأرض. فهل يُرجَى من هؤلاء عدالة أو إنصاف أو حفظ حقوق المواطنين؟ فنريد منك أن تعلن بأنك ستقيم العدل وتوجه على الفور بتلبية مطالب القضاة و أعضاء النيابة، فالسلطة القضائية بالنسبة للشعب كالقلب بالنسبة للجسد لإقامة العدل الذي أمر الله به من السماء وتُنبه جميع مسئولي الدولة وأنت واحد منهم أنهم أول من سيقفون أمام القضاء للمحاكمة في حالة المخالفة أيا كانت صغيرة أو كبيرة وابشر بعد ذلك بان الله سيُكلل عملك بالنجاح وقراراتك بالتوفيق وآراءك بالسداد لإقامتكم للعدل والحق وستكون اليمن مثالاً يُقتَدى به بإذنه تعالى.
المحامي/ أحمد محمد نعمان
مَحَاكِمُ اليَمَنِ والنّيَابَاتُ تَوَقّفَتْ عَنْ العَمَلِ (أيّهَا الرّئيس!) 2155