حوادث الاعتداء على المهمشين تبقى دائماً طي الكتمان، اللهم إلا كورقة تستخدمها بعض منظمات المجتمع المدني رغبة فيما عند آلهة الغرب التي تظلل هؤلاء بسحاب الحقوق العامة والديمقراطيات والدساتير والقوانين المشروعة وتوقظهم على حلم الدولة المدنية القادمة من عالم أفلاطوني يتجاوز الواقع المؤسف والمخزي بكل ما فيه ليثير حفيظة البحث عن وطن جديد، لكن علينا أن ندرك أن بركاناً خاملاً يعيش في انتظار لحظة الصفر التي أعتقد أنها اقتربت، يكاد أن ينفجر بعد أن توفرت له أسباب غليان قوية جداً من أهمها نظرة اللاإنسانية التي التصقت به منذ أمدٍ بعيد وشوهت قالبه البشري ودفعته لأن ينظر لنفسه بعين غيره على إثر فلسفة اجتماعية شاملة لا تملك أقلية كهذه إن تغيرها وفق لغة حوار توافقية مفقودة أصلاً، هذا البركان الذي يجد من هو على استعداد ليدعم ظهوره من الخارج قبل الداخل ما كان ليظهر لو أن تشريعاً إنسانياً ناجحاً يقوم عليه مجتمعنا، إذ أن الدين الإسلامي لم يدفع إلى الطبقية ولم يؤيد وجودها ولم يدعم فكرة استبعاد الناس وإقصاء حقوقهم في العيش بحرية.
المهمشون فئة من فئات المجتمع اليمني وليست طبقة من طبقاته، لأن شروط الطبقية غير متوفرة في هذه الفئة التي تفتقد للكثير من الحقوق المدنية، ناهيك عن منظومة أعراف وعادات وتقاليد تحيي سنة العبودية من جديد وكأن زمن الرق يعود بشحمه ولحمه إلى مجتمع طّلق الإمامة والملكية طلاقاً بائناً، لكنه تزوج بالديمقراطية زواجاً عرفياً لم تتضح معالمه بعد.
المهمشون ضرورة يحتاجها المجتمع في شكل خدمات من الصعب أن يتبناها مجتمع قبلي لازال يؤمن بالعرقية ويمجد الأنساب ويمنح للعصبية فرصة الظهور المباشر على مسرحها المنفرد، هذه الضرورة الخدمية هي من صنعت الفرق بين خادم وسيد أو قبيلي أو حتى أدنى من ذلك حسباً، كما أنها خلقت نوعاً من التطرف الوظيفي والاجتماعي على غفلة تامة من النشاط الديني والتوعوي الذي يجب أن يكون شاملاً وعاماً ومتفقهاً في بنية المجتمعات المعاصرة.
عرفت شخصياً ومن خلال عملي كأخصائية اجتماعية وناشطة حقوقية وكاتبة تجوب الشوارع حباً في استنشاق رائحة الإنسانية شباباً وشابات ينتمون لهذه الفئة لديهم قلوب من ذهب وعقول من الماس الخالص، لكنهم في المكان الخطأ فعلاً.
جريمة القتل الأخيرة التي استهدفت الشاب المهمش/ ماهر، على إثر خلاف نشب بينه وبين شخص قبيلي أو سيد أحرق القمامة القريبة من منزل المجني عليه مما أثار حفيظته، كون الأمر تلويثاً للبيئة وأضف إلى ذلك أن والدته مصابة بالربو.. هذه الجريمة ليست الأولى ولن تكون الأخيرة من نوعها، نظراً للانفلات الأمني الذي يعانيه المجتمع اليوم ولسبب آخر وأهم وهو نظرة الدونية والاستصغار لهذه الفئة التي لا يحميها العرف ولا القانون ولا تطبق عليها أحكام اعتبارية تعتبر في مجتمعنا هي الحكم العدل.
ألطاف الأهدل
للمهمش رب يحميه!! 2301