;
محاسن الحواتي
محاسن الحواتي

لا حب في اليمن!! 2140

2012-03-11 06:28:26


اتصلت وبصوتها الرقيق عرفت بنفسها على بث "FM" يمن، في البرنامج الصباحي الجميل الذي تقدمه مذيعة متمكنة يبدو من لهجتها أنها لبنانية لها خبرة في العمل الإذاعي.. المتصلة من صنعاء وموضوع الحلقة عن "الحب وكيف نحافظ عليه"، موضوع حساس بالنسبة لليمنيين، فمن العيب أن تعترف أنك على علاقة حب وقد يُنظر إليك كمتهم، لكن بإمكانك أن تكتب على زجاج سيارتك "أشوفك كل يوم وأروح ما دام النظر مسموح" أو تكتب "الجريح"، أو "الحب عذاب"، المهم أن المتصلة، سألتها المذيعة.. بكل أريحية: هل أنتِ على علاقة حب؟! ترددت الفتاة وصمتت برهة، ثم قالت بصوت منكسر "ما فيش حب في اليمن، لأن الشاب يعيش الحب وعند الزواج يختار واحدة ثانية، فالحب الشاب تسلية وقضاء وقت.. ردت المذيعة: "في كل مكان في حب بالدنيا"، مسكينة المذيعة تعتقد أنها في لبنان.. الحب في اليمن مشاعر مقموعة تحتاج إلى حملة حتى تتحرر، فمن يجرؤ بالقول أنا أحب فلانة، أو من تجرؤ وتقول أنا أحب فلاناً؟!.
سألت المذيعة الشابة المضطربة – لأنها تحدثت عن موضوع حرام- كيف نحافظ على الحب؟! ردت الشابة: بالإخلاص والوفاء.. طبعاً على اعتبار أن الطرف الآخر لو كان وفياً لماترك حبه وتزوج بأخرى.. البرنامج أعجبني رغم أنني لم أستمع إليه بالكامل، لكن ما أدركته كان مؤشراً لبعض القضايا سوف أوردها لاحقاً.
دعوني أواصل معكم اتصال لشاب سألته المذيعة والتي يبدو من صوتها أنها تحب كل شيء من حولها: هل أنت على علاقة حب؟! رد أنا متزوج وعندي بنت والحمدلله.. سألته: هل تحب زوجتك؟!.. رد بحماس: نعم أحبها جداً، سألته: تحب أغنية ولمن تهديها؟!.. أحب أسمع وأهديها لمحمد وحميد وصالح...إلخ، ونسي أن يهديها لزوجته التي يحبها جداً جـداً؟!.
البرنامج وهو يتحدث عن الحب وهو قيمة إنسانية عالية لا تجد قدرها أو تقديراً لها في بلادنا، لأنها ارتبطت بسلوكيات لا علاقة لها بالحب كما ارتبطت بالعيب، فالحب قبل الزواج لا علاقة له بالزواج، لأنه مرحلة مستقلة أو انتقالية تدريبية مع صديقة، ثم المرحلة التالية الجادة والرسمية مع زوجة لا يعرفها من قبل، لذلك لا تستغرب عندما تجد الشاب وهو يتأبط ساعد صديقته والعاشقة له يسرح معها في الشوارع جيئة وذهاباً فيما والداه يتشاجران، الأب يصر على بنت أخيه "ليعزز علاقته بأهله"، والأم تقول: "ما لها بنت أخي؟!" نكاية بأهل زوجها، يصلان إلى حد الطلاق في مسألة زواج ابنهما.. وهو يعيش الحب مع أخرى يعرف تماماً أنه لن يتزوجها – أعني الشاب- يقضي معها الساعات وعقله يفكر كيف يتخارج منها عند زواجه بإحدى المرشحتين؟! أليست مهزلة؟ بعد الزواج قد يعود لضحيته الأولى التي لم ولن تنساه ليحكي لها كيف أنه لم يوفق وهذا جزاؤه لأنه تركها وأنه يتوسل مواساتها وحبها من جديد وأنه لن يقدر على الزواج وتكاليفه مرة أخرى ويفتح بيتين خاصة بعدما أنجبت له ستة أطفال في خمسة أعوام؟! أو أنه سيتعرف على فتاة أخرى تعوضه الحب المفقود.. وهكذا حال الحب والمحبين والذين يحاولون الحب..
إن الحلقة تعتبر مؤشراً لقضايا أهمها:
* الحب في بلادنا لن يدخل في ثقافتنا العامة اليومية التي من المفترض تحترمه وتضعه كقيمة إنسانية عالية، والتعبير عنه ليس سهلاً كأنه جريمة.. لذلك لا يُعمل كثيراً بقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: "تهادوا تحابوا".
* ثقافة إهداء الورود والهدايا والأشياء اللطيفة والجميلة للتعبير عن الحب غير موجودة إلا فيما ندر، يقوم بها البعض خفية، خوفاً من أن يعرف الآخرون.
* الحب بالنسبة للشاب تسلية ولعبة وقتل وقت فراغ بالمجان أو بالفلوس أو بالشطارة، أما بالنسبة للفتاة "الحب" هو أغلى شيء إذا أحبت وهو مشروع مستقبلي قابل للتطور، يحافظ عليه بالصدق والوفاء، لذلك قلما تلتقي إرادة الطرفين لأن الأهداف المختلفة.
* يلعب الأهل دوراً كبيراً في مسألة، تبخيس الحب قبل الزواج وفي حرية اختيار الشاب لزوجته، فتدخلهم لصالح زواج الأقارب يقضي على فرصة الزواج من أسرة أخرى إثراءً وتحسيناً للنسل وتعزيزاً لروابط الحب والمودة.
* الشاب الذي اختيرت له زوجته، في معظم الأحوال لا يكون راضياً وليس بمقدوره فعل شيء، خاصة بعد أن يرزقه الله بأبناء، البعض يتزوج على زوجته ويحتفظ بها لتربية الأبناء، شعور مؤلم أن تكون المرأة في وضع كهذا، أو يقيم الزوج التائه علاقات متعددة ليعوض حالة فقدان الحب التي يعيشها.
* الفتاة التي قالت "لا حب في اليمن".. تتحدث عن واقع معاش، يوجد حب ولكن لا يوجد بشر قادرون على الحب!!، "الحب كما قالت المذيعة موجود في كل الدنيا وفي كل العالم".. لكن عندنا لا وقت للحب، لأن نفوسنا جدباء قاحلة خالية من أي دفء.
* رائعة "FM" يمن، ورائعة تلك المذيعة ومعدو البرنامج واسألوا المستمعين في الحلقة القادمة كيف يعبر الزوجان عن حبهما في الأعياد والمناسبات واسألوا الأبناء كيف يعبرون عن حب والديهم؟ وكيف نعبر عن حب الآخرين عموماً، وكيف نحب بلادنا والحارة والمدرسة والجامعة والبيت و..إلخ؟!.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد