منذ سنوات طويلة ونحن مشوهون في نظر الكثيرين, ليس لدى فيصل القاسم فقط بل إن صورتنا مشوهة حتى لدى ذواتنا نحن اليمنيون, فلم يسمع عنا العالم إلا من خلال أحداث الإرهاب والفقر والمرض والصراعات القبلية والسياسية وساهم النظام السابق في ترسيخ هذه المفاهيم لدى العالم في سبيل استجداء المساعدات وضخ المزيد من الأموال والأسلحة المتطورة لمحاربة هذه الآفات -كما كان يدعي-, وحين انطلق ربيع الثورات العربية كانت الأنظار تتجه صوب ثورة يمنية مرتقبة, إلا أن الكثير حتى من اليمنيين أنفسهم استبعد ذلك في بداية الأمر وكان أحدهم يردد: الشعب اليمني يستحيل أن يعتصم لأنه سيتجه عند الظهيرة إلى أسواق القات ومن ثم الانكفاء على ذاته في تخزينة تمتد لساعات, ولما تحرك الشعب اليمني بثورة سلمية –رغم توفر السلاح- أدهشت العالم وليس أولئك المتشائمين منا فقط, فهذا الشعب الذي استهان به الكثير وأول من استهان به هو نفسه ينزل إلى أكثر من 17 ساحة اعتصام ومن ثم يتعدى عددها الـ30 ساحة, ثم هاهو يسطر صموداً أسطورياً لم يسجل التأريخ مثيلاً له, ويمتد اعتصامه لأكثر من عام عازماً على تحقيق أهدافه غير عابئ بما يبذله من تضحيات في عظمة تتجلى لتكشف عن وطن يكتنز ثورة من الأشخاص الذين إن وظفوا للبناء والعمل فستجدهم نماذج مميزة كما كانوا ذا مجد مضى.
اندهش العالم أمام ذلك الفعل الثوري المميز وبدا مذهولاً وهو يشاهد تلك المواقف اليمنية الرائعة وكان لذلك الحضور النوبلي الذي سجلته المناضلة توكل كرمان أثره على المشهد وشاهد العالم وجهاً آخر لليمني غير ذلك الوجه القبيح الذي رسمته أياد العبث في مخلية الجميع, ولا يتسع المجال هنا لذكر روعة الكثير من الثوار الذين أدهشونا فعلاً, كثيراً ما تكلم المتكلمون وغنى الشعراء والفنانون وبحت أصواتهم وهم يقولون للعالم إن اليمن بلد طيبة أرضها, عريق إنسانها ؛ لكن ذلك لم يغير من الأمر شيئاً، لأن الحديث عن أمر ما لا يعدو كونه مجرد كلام مالم يثبته فعل, لذا فإن كان لأحدنا من غيرة على وطنه وإن كان لأيِ منا من غضبة فليعد لهذا الوطن اعتباره ليس برد الإساءة بإساءة ولا بالصراخ والكلام فإن هذا سيعزز من منطق المسيء فقط, لكن بإمكاننا أن نرد على كل من أساء إلينا بالعمل وتحقيق النجاحات كما فعلنا في ثورتنا حين أثبتنا أننا لسنا شعب مخزن يغرق في الجهل والظلام, قد نغفو لكننا إن صحونا فإننا نغدو إعصاراً يعصف بالفساد ويقتلع المفسدين, لا وقت للكلام الآن ولنتجه إلى ميدان العمل نساهم في بناء اليمن الجديد ونقف ضد كل فساد, نبني وطننا بالعلم, بالحب, بالتلاحم, بمساندة كل مصلح والوقوف ضد كل مفسد, نعم بهذا نعيد الاعتبار لذواتنا أولاً ثم لهذا الوطن المثقل بالجراح ولنكن على ثقة أننا شعب عظيم قادر على استعادة المجد الذي صنعه أجدادنا ذات زمن.
تغريدة..
سأرفع رأسي عالياً وعزتي من لدني
تاريخي المشهود يحيي زمني
حضارتي عميقة من الذي ينكرني
أعتز فيك قبيلتي, لكن دربي مدني
بالعلم بالإيمان أسمو.. بثقافتي بتمدني
كل الصعاب والإرهاب, ستغيب لن تهزمني
صنعاء أعشقها, وأهيم في عدنِ, تعز تسكنني
لله أحني جبهتي شكراً ليكرمني
حتى إذا مالمجد في الأيام يغمرني
قال الذي أمسى حمقاً يعايرني
فخر العرب أنتم, أصلي أنا يمني!!
توفيق الخليدي
حتى لا يُقال سكارى 1949