(سعيد) بائع دجاج يستحق أن يذكره التاريخ! نعم على الأقل من وجهة نظري أنا، هو ملتزم بقائمة أسعار متوازنة، لا يترك المخلفات قريباً من مقصلة الدجاج، يراعي الكثير من قواعد النظافة حين يقوم بتسليم الطلبات إلى الزبائن كارتداء قفاز أثناء تغليف الضحية اللذيذة أو تسليم باقي المبلغ مثلاً، أضف إلى ذلك سحنه لطيفة لا توحي أن الذي أمامك جزار محترف!.. نحن بحاجة ماسة وشديدة إلى التخلق بأخلاقيات المهنة والالتزام العملي بالأداء الرفيع لتفاصيلها، فليس من الضروري أن يكون الجزار مثلاً ذو سحنة مُرعبة وثيابه غارقة بالدم وملامحه تنطق بالشر، وما من حاجةٍ تدعو لأن تكون رائحة هذا الخضرجي (بائع الخضار)! وذلك الفكهاني (بائع الفاكهة) تعج بنكهة البصل والثوم أو البرتقال والباباي، وليس شرطاً أن يحمل النجار على شاربيه نشارة الخشب وأن ينتشر على ساعديه بقع الطلاء.. أحِبوا مهنكم وامنحوها حقها من الرعاية، لأنها في نهاية الأمر ترعاكم وتفتح منازلكم بكل حب، أحبوها لأنها تمنحكم قالبكم الوظيفي المميز وتعطي فرصة لتطوير الذات وتوسيع المدارك وإدخال أفكار مهنية جديدة) سوق العمل.
بائع الدجاج سابق الذكر أتى بكفرة جميلة جداً وعملية وذات صدى جيد عند الناس وشخصياً لأول مرّة أراها تحدث، لكنني أؤمن أن كل شيء يمكن أن يحدث في بلدان العالم الثالث طالما وأن الفقر هو الحاكم الفعلي لهذه البلدان، المهم أن تلك الفكرة تقوم على أساس مبدأ الشراكة، حيث يمكن أن يشترك شخصان لشراء دجاجة واحدة كبيرة بدلاً من شراء كتاكيت صغيرة لا تكاد تفي باحتياج شخص واحد للبروتين الحيواني الذي يجب أن يحصل عليه الإنسان ثلاث مرات أسبوعياً كحد أدنى، وطبعاً دجاجة سمينة يصل سعرها إلى (1500) ريال يمكن لنصفها أن يصنع مرقاً لذيذاً على الأقل.. فكرة أخرى يقوم بتنفيذها صاحب محل لبيع الأسماك، حيث يتخلص من الجلد والعظم ويقوم بتقطيع السمك إلى شرائح منتظمة ويغلفها بأكياس حرارية بيضاء شفافة تشعرني شخصياً بالرغبة في الشراء حتى لو لم يكن غدائي لذلك اليوم على الطراز العدني الذي أعشقه بكل تفاصيله!.
إذا أحببنا مهنتنا وطورنا من مستوى الأداء فيها حصلنا على التميز في الإنتاج وتصبح خامة العمل بين أيدينا عنواناً للفكر والذوق الذي نحمله في عقولنا وتغذيه أحاسيسنا بالجمال.
ألطاف الأهدل
دجاج حارتنا.. 1840