أسيرة أنا خلف قضبان قلبك، أخفتني حتى أصحبت لمخالبي حدة السيوف ولؤم الخناجر، بين جوانحي رغبة بالموت بين يديك لكنك ترفض أن ترتدي ثوب عزرائيل!.. أيها الحبيب اللدود الذي ما انفك ينسج حول عنقي خيوط العنكبوت، أنا لستُ مومياءك، لست دميتك، ولست عنوانك الخالي من التفاصيل، أنا لستُ كوخك الخشبي على ضفة النهر ولست مدفأتك، أنا بعضُ امرأةٍ وبقايا أنثى وشيء من امرأة! لا تحاول أن تشعل الشموع حول ضريحي، لا تعطر بالوصل وسائدك ولا تنتظرني.. فأنا مثل شمس الشتاء تشرق بانكسار وتغيب بعناء، أنا نسيتُ ذاكرتي لديك وتركتُ لساقاي حرية العبور على راحتيك، لكنك قيدت ساقاي فتعثرت وفقدتُ أحجية الوقوف من جديد، كم بت أتمزق شوقاً لمعرفة الطريق، فالفضاء واسع وحواسي معذبة. بالهجر وقلبي يعاني سكرة الصمت كل ليلة! لا لاتسقي عشب الحب من ماء الكبرياء حتى لا تزهر الأشواك حولي وأبقى كتنهيدة حمقى سكنت جفون الليل.. أشتاق أن أعود حرة كما بدأت حرة وقبل أن أفقد سربي وتنحلّ أجنحتي وأسقط في هاوية البحث عنك، أشتاق أن ألملم السحاب وأجمع الهضاب وأذوي كنسمة حب مع أول همسة، أشتاق أن أعود سجينة نفسي وأن أتمرد على عينيك وأختبئ خلفك وأدهش أصابعك برقصة الوجد.. الليل أمسى يتيماً بعد رحيل القمر والشمس تبكي النهار الذابل على غضن الزمن، البشر يذوبون شيئاً فشيئاً والأرض تتسع أكثر تحت قدمي ولا زالت فيروز تشدو.. الطريق إليك طويل وليس لي زاد ولا راحلة، لذا اسمح لي أن أهواك عبر الذاكرة وأعيد ترتيب روحي لاستقبال طيفك، إمنحني فرصة اجتراع الخيبة والنهوض من غفوة اليقظة واستلهام القصائد الكاذبة، أعطني بعض الوقت لأراقب انتحار شراييني على شفرة صمتك وأعزي شفتيك الشامتتين بأشلاء جسدي وأنتصب أمامك كعاصفةٍ هوجاء من جديد، لا تحاول أن ترتدي أحزاني كمعطفٍ من الغرو أمام عيني وتباهي فقر روحي بغنى جوارحك، لا تقف كفنارٍ يصطاد أمواجي ويراقب تمزق أشرعتي فأنا امرأة مستحلية، لا أخشى إندثار الريح ما دامت الصحراء واثبة نحو قرص الشمس، لا أهابُ الموت ما دمت أستيقظ كل صباح وأنا مهووسةً بالسفر إلى عالمي الآخر، أسيرة أنا خلف قضبان قلبك لكنني لستُ متهمة بحبك، لم ألوث يداي بجريمة هواك، ولم أترك خلف وسائدي أدلة، أنا امرأة أجيد فن النسيان وأستطيع أن أمسح أسطر اليأس عن ساعدي ولستُ عاجزةً عن الرحيل حين تقرع أجراسي، فلا تحاول أن تقف في طريقي كسارية، مشاعري أصبحت في مهب الريح ولازلت في انتظار أن تورق العاصفة، ليس لهذه الأشجان مرفأ، ما لهذا الحنين من نهاية، فلا تغرنك النجوم بالبحث عن سماء ولا تركض بعيداً لتدرك خط الأفق، كل شيء هنا حبيس هواه فلا تكن أمنية.. لا تكن أمنية فتموت قبل أن تحررني من الأسر..
ألطاف الأهدل
أشتاق لسجنٍ يعطيني حريتي! 2168