على مدى ثلاثة عقود وعلي عبدالله صالح حريص كل الحرص على الظهور في شاشات التلفزيون وجميع وسائل الإعلام بمناسبة وبغير مناسبة، أهم شيء يظهر ولو يقول كلام "هباش"، كما قال القاضي الحكيمي - رئيس لجنة الانتخابات عن النتيجة النهائية للانتخابات الرئاسية المبكرة - حين سُئل عنها ورفض أن يتحدث قبل وصول المحاضر والنتائج الموثقة كي يبتعد عن "الهباش".. شخصياً أرى مسألة الحرص على الظهور في الصحف وشاشات التلفزة لدى علي عبدالله صالح مرضاً مزمناً وحالة مستعصية تحتاج طويل وقت للتعافي منها، وقد ظهر هذا المرض جلياً بعد التوقيع على المبادرة الخليجية حين حرص الرجل على ذكر اسمه في الإعلام الرسمي كرئيس للجمهورية عبر برقيات التهاني والتعازي، وتخيلت حينها أن المكتب الإعلامي للرجل تفرغ لجمع كشوفات تضم كل المناسبات الدولية والأعياد الوطنية في جميع بلاد الله..
المهم أن الرجل يهنئ ويعزي "في الذي يقعين والذي ما يقعينش"..
من هذه الحالة المرضية المزمنة لا شك بأن الرجل سيحاول بكل ما أوتي له من قوة ومن خلال ناصحيه الذين قلبَوا البلاد والعباد على رأسه، الظهور بشكل يومي في الإعلام الذي أنشئ بمقدرات الدولة وأمنوا له تمويلاً عبر مؤسسات وأشخاص في الدولة، ولا استبعد هنا أن الرجل سيعمل على إيجاد فرقعات ومشاكل كي يتم ذكره، - بخير أو بشر - أهم شيء يذكروه وكأنه يقول عبر هذا الحرص ومرض الشاشة، كما يقول المثل الصنعاني القديم "دسوني لا تنسوني"..
اُدركُ جيداً أن الشفاء من هذه الحالة المرضية صعب جداً ويحتاج لوقت، لكن على المخلصين في المؤتمر الشعبي أمثال الدكتور الإرياني أو حتى من أولاد صالح أن يحاولوا أن يعينوا الرجل على أن يتعافى من حالته المستعصية.. وأن يقنعوه أنه لا معنى أن يقف بعد عودته من رحلته العلاجية ساعة لكي يصافح مهنئيه، وبعدين يظل أسبوعاً على سرير المرض وينقله بالكرسي، وأن يقنعوه أيضاً أنه من المعيب في حقه أن يظل "كل شوية يتقفز" على شاشة التلفزيون على قناةٍ "ما حد داري أين هي"، لتنقل بعد ذلك مواقع "المشع والتطبيل" "هدرة المؤامرة حقه" الذي جلس الشعب يسمعها على مدى ثلاثة عقود..
يا الله ثلاثين سنة شيب من ولد في عهد هذا الرجل ولم يمر عليه يوم حلو، أو حتى سماع خطاب حلو من علي عبدالله صالح، كلما فتح الجيل الثلاثيني التلفزيون أو خطاب للرجل يسمعه: المؤامرة والإمامة والمستعمر، وكأن ما فيش معنا شغل إلا هذه الثلاث "المؤامرة والإمامة والاستعمار"..
خمسون سنة على عمر الثورة السبتمبرية و الأكتوبرية وعلي عبدالله صالح يهددنا بعودة الاستعمار والإمامة "علشان" يظل هذا الشعب المسكين حبيسهن دون أين يفكر أن وصلت التنمية والاقتصاد اليمني والريال، وليش ارتفاع الأسعار وغيرها من الأمور التي تتعلق بحياة كل مواطن يعيش في بلد حكمه رجل غير صالح ثلاثة عقود حتى أوصله إلى مرتبة أفقر بلد عربي في الشرق الأوسط مع مرتبة الخنوع والارتهان.
إبراهيم مجاهد
مرض الشاشة!! 2280