تصلني رسائل كثيرة للقراء بحجم الألم ولون الجرح ونكهة العناء وطعم الأنين، حزناً وخوفاً على مصير هذا الوطن الذي عرفناه رمزاً للحكمة والعطاء والجود والشهامة ولنا الفخر أن نكون أفراداً من شعبٍ لا زال يعيش على فطرته رغم طفرة العنف التي ظهرت، لكنني أؤكد للجميع أن لي قلباً جريحاً مثلكم تماماً ورحاً تكاد تترك مكانها في صدري إلى غير رجعة وقد كنت أرى وأسمع من العنف والبشاعة الكثير الكثير، خاصةً أن محافظتي العزيزة تعز نالت من الحب السياسي جانباً لا بأس به! وبالرغم من كل ما فات أحب أن أطمئن هؤلاء المخلصين إلى أن الدنيا لا تزال بخير وأن الشمس لم تشرق من الغرب بعد وأن الأمطار ستسقط بغزاره في صيفنا القادم لتغسل كل قذارة تركتها يد البطش والغدر واللامبالاة.
أطمئنوا، فالحكماء والعقلاء وقبلهم جميعاً رحمة الله وعنايته لا زالت تحيط بهذا الفرج واستسقاء الرحمة من الله، هل تعلمون لماذا أشعر أن هذا الوطن سيكون بخير؟! لأن في هذا الوطن الكثير من الضعفاء والفقراء والمساكين والأطفال ومن لا حيلة لهم، لا زال فيه من الناس أصحاب سجية وأهل نخوة وأولو البان طاهرة نقيه، لا زال فيه منازل مفتوحة لعابري السبيل وأيدي بيضاء تقيل عثرات الكرام وعقول مستنيره تدعو إلى الله على بصيرة، نعم تعج شوارعه بالنفايات، نعم تتعطر طرقاته بمياه المجاري، نعم يشكو الكثيرون فيه من الحقوق والعصيان والمعاصي وآفات هذا الزمن، نعم كل هذا وأكثر يحدث على أرض الوطن، لكن تلك النفايات يجمعها بشر من أبسط خلق الله لا ذنب لهم يذكر إلا أن كست القدرة أجسادهم بلون الليل! وتلك المياه التي عكرت صفو شوارعنا قد تكون أشرف من عطورٍ آسره يرش بها العصاة أجسادهم في غفلة ليلة دنينه! حتى العاصون والمتمردون والطغاة الصغار يذرفون الدمع بعد أن تقسم عليهم ظروف الجوع والفقر والمرض وقلة الحيلة أن يسرقوا أو يعقوا والديهم أو يتمردوا على وضع فرضته عليهم هذه الطبقة الجائرة التي منحت البعض فرصة سحق الضعفاء وإلا ستعلك عليهم بل وإضرام النار تحت ارجلهم وتعليقهم على عصار الجوع في حفلة شواء سياسية أنست الجميع قول الله تعالى (هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون) سورة الجاثية (29).
بطش الصغار يأتي من بطنٍ خاوية وأعين ملت مشاهد المحاباة والمحسوبية وأيدٍ تحلم أن تنتج لكن لا رأسمال لها ولا ميراث عندها.. لكن الدنيا لا زالت بخير ما دمنا نحكمّ كتاب الله وسنة رسوله بيننا، ومادام عقلاؤنا يمسكون بزمام المسؤولية ويديرون دفة الحوار بمنتهى العدل وكامل الاقتدار نحن نشد على أيديهم ونتمنى على الجميع أن يتنازل عن بعض ما ضافت به الصدور إكراماً للوطن ولجيل من الأطفال يجب أن يجد القدوة التي تؤثر الآخرين على نفسها ولو كان بها خصاصة..
تفاءلوا بالخير ولتكن يداً واحدة في وجه الفساد والضغينة وتأكدوا بأننا جيل يستحق أن يذكره التاريخ لأننا عفونا عند المقدرة..
ألطاف الأهدل
أنا مثلكم.. لي قلب جريح 2018