كنت مدعوة إلى أحد الأعراس خلال الأيام الماضية ولم أجد بداً من تلبية الدعوة، خاصة وأن صديقتي - صاحبة الدعوة - تعمل في سلك المحاماة ومن الصعب أن تقبل أي تبرير وإلا قلبت الدعوة إلى دعوى وهذا ما لا أريد!
حين وصلت القاعة ابتسمت، فالألوان هادئة ودافئة والمكان يتسع للكثير من المدعوات والإضاءة خافتة والحيطان تحمل لوحات رائعة منسوجة من الصوف.. والمهم أنني استمتعت بتأمل المكان قبل أن تبدأ فجأة عاصفة موسيقية لن أبالغ إذا قلت إنها فعلاً تؤذي السمع مادياً بإحداث بعض الألم ومعنوياً بإقحام تلك الزوبعة في حاسة قيل إنها يمكن إن تعشق قبل العين ولذا فهي مزودة بذاكرة إلاهية تستشعر الجمال وتغوص في أعماقه، اخترت الجلوس قريباً من مدخل الصالة لأكون بعيدة عن تلك الفوضى وحتى أستطيع أن أحيي صديقات وجيران وأهل لم أرهم منذ مدة طويلة.
استمر الحال ساعة ونصف وبدأت القاعة تزدحم بالمدعوات وأتت لحظة! استعراض أكره أن أكون ممن ينتظرها فقمت أتأمل اللوحات من جديد وكأنني في بهوٍ فسيحٍ لمعرض فنان تشكيلي صنعت أنامله أجمل اللوحات من خيوط صوفية ملونة تحمل على متنها منازل وحدائق وطيوراً ووجد تني أغوص من جديد في روعة اللون والشكل، لكن العرض الذي ابتعدت عنه بدأ يمتد ويمتد حتى وصل إلى المقعد المجاور لي فبدأت أشعر بالتقزز وأنا أرى تلك الأجساد العارية تماماً، اللهم إلا ما يستر العورة إن لم يكن شفافاً هو الآخر، واستغربت جداً من حدوث ذلك، لمَ تتعرى هذه النساء لغير أزواجهن؟ ولماذا تتعرى الفتيات أيضاً في مثل هذه السن المبكر؟! لماذا يحدث ذلك؟ هل نسيت هؤلاء النسوة حالة الرعب والقلق التي مر بها الجميع، الأحداث الماضية للوطن؟!
لماذا هذا الإصرار على المعصية؟! لماذا هذا الجحود لنعمة الستر؟! ثم إننا شعب منّ الله عليه بجمال الروح أكثر من جمال الجسد فلماذا نعرض ما لم يكتمل نضجه وما لم يستوي تمامه؟! ثم هل ترى هؤلاء النسوة أن في هذا العري جمالاً؟!.. أقسم أن النساء اللآتي وضعن القليل من الزينة وتسربلن بثياب محتشمة وناعمة مهما كانت أعمارهن كن أجمل بكثير من شابات لم يبقين للحياء مكاناً لا في أنفسهن ولا على أجسادهن!.
كنت أتخيل حين أراهن كيف ذهبت الضحايا من نساء الساحات، وكيف وقفت الكثير من النساء في ثورتنا موقف الرجال، بل إنهن قدمن أبناءهن فداءً لهذا الوطن، وهل أغلى من فلذة الكبد؟! يالله كنت استغيث برحمة الله وأنا أراهن في مباراة عرض للحم الأبيض تعافها النفس، ناهيك عن قيامهن بأداء رقصات فاضحة أشبه ما تكون يهستيريا أو حضرة زار أو لحظة احتضار، فهل يجوز أن تكون نساء المسلمين بهذا العبث؟! هل يجوز أن يكن بهذا البرود واللامبالاة؟!
في الحقيقة إن نساء اليمن من أطهر نساء الأرض على الإطلاق، لكن ينبغي أن نعرف أننا أمام مخطط إعلامي وضيع جداً يهدف إلى تحطيم البنية الأخلاقية للمرأة العربية بشكل عام، عبر قنوات تسوق للجسد وتمجد بضاعته..
ألطاف الأهدل
يكفينا هيفاء وهبي واحدة! 2023