انتقل إلى رحمة الله يوم الخميس الماضي القاضي المناضل/ عبد السلام صبرة عن عمر ناهز المائة عام ويعد القاضي المناضل/ عبد السلام صبرة الأب الروحي لتنظيم الضباط الأحرار في اليمن الذين فجروا ثورة السادس والعشرين من سبتمبر 1962م, كما مثل حلقة الوصل بين قيادة حزب الأحرار والحركة الوطنية في الداخل وفي هذا المقام لا بد لنا أن نتطرق للمحات من جهوده السياسية وأدواره النضالية وإيراد سيرته الذاتية كنوع من الوفاء لأحد أعلام اليمن الكبار وحتى تتعرف الأجيال على هذا الرمز الوطني الكبير.
ولد عبد السلام محمد حسن صبره في مدينة صنعاء عام 1912 م نشأ في أسرة متوسطة تولي العلم اهتماماً كبيراً وتحرص على تنشئة أبنائها في ظل بيئة علمية مبنية على الإطلاع والترجيح، درس في الكُتاب أو ما يسمى باللهجة اليمنية الشعبية (المعلامة) في حارة الأبهر بصنعاء القديمة ثم تنقل بين عدد من الكتاتيب في صنعاء القديمة لينتقل بعد ذلك إلى الجامع الكبير بصنعاء وفيه أخذ العلوم في مختلف فروع المعرفة التي كانت تدرس في تلك الأيام مثل التفسير و والحديث والفقه وكل ما يتصل بعلوم وآداب العربية والتشريع ) ومن أبرز أساتذته العلامة عبدالله كباس والقاضي/ علي بن حسن المغربي والعلامة/ أحمد حسين الطرماح.
تأثر القاضي/ عبد السلام صبرة ـ رحمه الله ـ كثيراً بالشهيد/ أحمد المطاع وقال بأنه كان في مقدمة الذين نشروا العلم وحركوا العقول الراكدة وأيقظوا الضمائر النائمة وكان السبب في فتح عيون جيله من أبطال 1948م وقد اعتقل في عام 1944م في سجن الإمام يحيى وزار مراراً مع الرعيل الأول من الأحرار سجون أبنه الإمام أحمد وسجن عقب فشل حركة 1948م حتى 1955م د دفع القاضي/ عبد السلام صبرة ثمناً غالياً لمواقفه الثورية ودعمه الفكري والمعنوي للثوار إذ دخل السجن ثلاث مرات: عام 1364هـ/1944م، وعام 1367هـ/1948م، عقب فشل الثورة الدستورية، وعام 1375هـ/1955م، عقب انقلاب فاشل حدث في مدينة تعز، وقد استمر في سجنه الأخير حتى عام 1379هـ/1959م، وعقب خروجه عاد إلى عمله رئيسًا لبلدية صنعاء حتى قيام الثورة الجمهورية التي أطاحت بالنظام الملكي سنة 1382هـ/1962م، ثم تقلد مناصب عديدة؛ منها: عضوًا في مجلس قيادة الثورة؛ ثم عضوًا في مجلس الرئاسة؛ فعضوًا في المكتب السياسي، ثم وزيرًا للأوقاف وشئون القبائل، ثم وزيرًا للمواصلات، ثم رئيسًا للمجلس الجمهوري بالنيابة.
يعد الفقيد الراحل الأب الروحي لتنظيم الضباط الأحرار الذين فجروا ثورة السادس والعشرين من سبتمبر المجيدة كما مثل همزة الوصل بين قيادة حزب الأحرار والحركة الوطنية في الداخل.
كما يعده كثير من المناضلين والمؤرخين الأب الروحي للثوار والأحرار الذي حفر اسمه بأحرف من نور في ذاكرة اليمنيين وكان له دور فاعل ومؤثر في تاريخ الحركة الوطنية اليمنية، حيث أسهم بفعالية وإيجابية ووطنية عالية على مدى العقود الماضية في كل المواقف والمحطات التأريخية التي أشعلت روح الكفاح والثورة وبرغم ثوريته المشهودة إلا أنه كان في نفس الوقت رجل السلام بين الفرقاء المختلفين.
كتبت هذا على عجالة، لكنني سأكتب عنه بتفصيل في الأيام القادمة، فالحديث عنه حديث طويل وذو شجون..رحمه الله وأسكنه فسيح جناته آمين..
محمد مصطفى العمراني
ورحل الأب الروحي للأحرار والثوار 2108