اليوم يدرك الشعب اليمني أن ثمار الجهود الوطنية أصبحت دانية، وأصبح واقع الحال يشير إلى أن الانتخابات الرئاسية في 21 فبراير هي الانتخابات التي ستنتصر لدماء الشهداء وتنقل اليمن إلى طور التغيير والإصلاح المنشود، لذا ينبغي أن تكون المشاركة في العملية الانتخابية فاعلة من الجميع، ويجب على مختلف القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني والشخصيات الاجتماعية وكل أبناء اليمن العمل المشترك لدفع الهيئة الناخبة للإدلاء بصوتها في انتخابات رئيس الجمهورية من خلال إيصال رسائل واضحة مفادها أن الانتخابات تعد المدخل لكل أبناء اليمن لبناء اليمن الجديد، وان تحقيق الهدف الأول للثورة المتمثل في تغيير النظام يجب أن يمر من خلال الانتخابات الرئاسية.
يجب أن يدرك الفرقاء السياسيون أن العمل على تحقيق المكاسب الآنية، والنظر إلى المستقبل من زوايا ضيقة لهو المدخل لوأد ثورة التغيير والإصلاح.. من هنا نجد أن كل الأطراف السياسية مطالبة بتبني سياسة منفتحة لخلق الشراكة والمشاركة لبناء المستقبل، فلا إقصاء ولا تهميش ولا تخوين لأي طرف، والإيمان أن أجراء الانتخابات الرئاسية وفقاً للمبادرة الخليجية ليس فيها انتصار لطرف على طرف.
إن توحيد المفاهيم السياسية لكل الأطراف السياسية في هذه المرحلة يجب ان يتم من خلال وعي منفتح يساعد على إقناع مختلف شرائح المجتمع للدخول في العملية الانتخابية، منطلقين من حقيقة واحدة هي أن المبادرة الخليجية تعد المخرج الذي اعتمدته مختلف القوى السياسية للوصول إلى بناء الدولة المدنية الحديثة، دولة المؤسسات القانون، وان المصالحة الوطنية، ومعالجة القضايا السياسية العالقة، وتحقيق المطالب الحقوقية لأبناء الجنوب بما في ذلك إعادة رسم ملامح الوحدة اليمنية، وتحقيق العدالة الانتقالية، لن تتم إلا من خلال الولوج للانتخابات الرئاسية،، وأن التوافق والاتفاق على العقد الاجتماعي الجديد لن يتم إلا من خلال المرور من بوابة 21 فبراير، ومن خلال الحوار الوطني الشامل، وفق أسس تكفل إرساء ثقافة التداول السلمي للسلطة كمسؤولية مشتركة يجب أن يتحمل تبعاتها كل أبناء المجتمع اليمني.
من هنا تكمن أهمية قيام الأحزاب والتنظيمات السياسية بأداء دورها في إنجاح العملية الانتخابية، فالدور الذي ارتضته الأحزاب والتنظيمات السياسية لنفسها في المرحلة الانتقالية، يستوجب معه العمل الجاد لحشد وتأييد ومناصرة المرشح التوافقي بهدف إصباغ الشرعية في انتقال السلطة، على أن التاريخ لن يرحم شركاء المبادرة الخليجية في حال ارتكنت تلك الأحزاب إلى التوافقية في الترشيح وتخاذلت ولم تقم بدورها في الحشد والتأييد.
من المؤكد أن التركيبة الاجتماعية القبلية لليمن تطغي على ما دونها من التركيبات الاجتماعية الأخرى، وأن تأثير الشخصيات الاجتماعية في المجتمع اليمني وصل إلى الحد الذي معه تحدد الخيارات للناخب، خاصة مع تفشي الأمية وانخفاض مستوي الوعي لدى شرائح واسعة في المجتمع.. من هنا يجب أن تدرك الشخصيات الاجتماعية لدورها في حث الناخبين على المشاركة في الانتخابات الرئاسية، وأن لا يغفل دور العلماء وخطباء المساجد في ترسيخ قيم التسامح، وتقديم الرسالة الصادقة في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ اليمن الحديث، خاصة وأن هناك ثقة ترسخت لدى مختلف شرائح المجتمع في العلماء وخطباء المساجد، وأضحى تأثير العلماء على العوام كبيراً، وهذا يستوجب من العلماء وخطباء المساجد القيام بدورهم في تبيان التأصيل الشرعي للعملية الانتخابية، وأصبح من أوجب الواجبات عليهم الدفع بالناس نحو صناديق الانتخابات كفرض عين على كل يمني، وبما يساعد على إنجاح الانتخابات الرئاسية.
وبما أن متطلبات التغيير وتحقيق أهداف الثورة تتطلب المرور من بوابة الانتخابات الرئاسية التوافقية، فإن الأمر يستدعي توظيف زخم الساحات لدعم المرشح التوافقي وصولاً لتحقيق الهدف الأول من أهداف الثورة، اذ تعد الساحات المنبع الأساسي لتشكيل الوعي الثوري لمعظم شباب الثورة ولشريحة واسعة من المجتمع، خاصة في هذه المرحلة التي ينظر إليها اليمنيون كمرحلة فاصلة في تاريخ اليمن، مع عدم إغفال دور المرأة الشريك الأساسي في الثورة، إذ يجب أن تكون مشاركة المرأة في هذه المرحلة مشاركة ايجابية تداعم وتساند، بغية الانتصار لحقوقها، وتأكيداً لدورها في التغيير والإصلاح المنشود، والاتجاه نحو التوظيف الايجابي لمنظمات المجتمع المدني والنقابات والجمعيات للتأثير على شرائح واسعة للمشاركة في الانتخابات، وهذا يقتضي معه قيام منظمات المجتمع المدني والنقابات والجمعيات بدورها في تبني حملة لمناصرة الانتخابات الرئاسية، خاصة وأن تحقيق الهدف الأساسي لمنظمات المجتمع المدني والنقابات والجمعيات يتمثل في الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي والذي لن يتحقق إلا من خلال التحول السياسي المنشود والانتقال السلمي للسلطة.
على الإعلام الحزبي والإعلام الرسمي أن يعيا دورهما في تبني حملة دعائية متوازنة تعزز من مكانة النائب كرئيس توافقي للمرحلة الانتقالية وتجنب الإثارة السلبية للدعاية الانتخابية لتضييق فجوة الخلاف بين الناس (معارضة وموالاة)، خاصة وأن هذه المرحلة تتطلب من الجميع الوقوف في صف واحد لإنجاح الانتخابات بعيداً عن الحسابات الضيقة، وأن يُشكل وعي عام بأهمية مشاركة مختلف القوى السياسية كاستحقاق يضمن لليمن الانتقال السلمي للسلطة، ويضمن عدم الانجرار نحو مربع العنف في حال لم تجر الانتخابات في موعدها.
الجميع أمام لحظة تاريخية، والوطن يحتاج لكل جهد حقيقي لصنع الغد الأفضل، وعلى الجميع الإيمان بأن الولوج للمرحلة الانتقالية وإجراء المصالحة الوطنية الشاملة، ورسم ملامح المستقبل، وبناء الدولة المدنية الحديثة دولة المؤسسات والقانون، لن يكون متاحاً إلا من خلال شراكة ومشاركة وتعاون، فالمسؤولية مسؤولية الجميع والوطن وطن الجميع.. والله ولي التوفيق.
نبيل حسن الفقيه
الانتخابات الرئاسية.. الكل مسؤول 1865