أيام فقط تفصلنا عن يوم الاستحقاق الديمقراطي المنتظر والمتمثل بالانتخابات الرئاسية المبكرة للمرشح التوافقي عبدربه منصور هادي, وبهذه الانتخابات يطوي اليمنيون عشرات السنين من حكم النظام السابق وسلبياته والدخول في مرحلة جديدة يتطلع أبناء الوطن إليها وكلهم أمل بتحقيق ولو الجزء اليسير من أحلامهم إذا لم تكن معظمها ولعل أهمها تحسين الظروف الاقتصادية ومستوى دخل الفرد والقضاء على الفقر والبطالة واستتباب الأمن والاستقرار وفرض هيبة الدولة وقوة القانون ومحاربة الفساد والظلم وتحقيق العدالة الاجتماعية, وبالرغم من بساطة تلك الآمال وحب اليمنيين لوطنهم, إلا أن تلك الحقوق البسيطة لا يمكن لها أن تتحقق بسهولة ويسر في وطن تتجاذبه الأحداث وتحيط به المؤامرات من كل جهة ويلازمه الفقر ما لم يتعاون الجميع، الداخل قبل الخارج، بالعمل على إزالة كافة العوائق والصعبات التي تواجه الرئيس القادم وحكومة الوفاق وبنوايا مخلصة وكذا تحقيق كافة أهداف الثورة الشبابية الشعبية السلمية التي كانت وراء هذا التحول التي تشهده اليمن اليوم , لذا فانه صار من الواجب علينا جميعاً التحضير بإخلاص لهذه الانتخابات والحشد لها لتجري في موعدها وبأجواء آمنة ومستقرة.
صحيح أنه لا تفصلنا عن الانتخابات سوى عدة أيام, لكنها تعد الأكثر حساسية لو نظرنا إلى حال البلاد اليوم من انتشار واسع للسلاح والمسلحين وعمليات القتل المتواصلة وإطلاق النار بشكل شبه يومي داخل المدن بصورة استفزازية ومقلقة ,وفي ظل غياب تام للجانب الأمني الرسمي وهذا ما أصبح يقلق عامة المواطنين في مختلف محافظات الجمهورية، بالرغم أن الجميع يرحبون بهذه الانتخابات ويدعون لها بالنجاح، لكن في الأخير تظل النوايا هي العنصر الحقيقي لإفشال أو إنجاح تلك الانتخابات , ولذا فإننا نناشد كافة الدول الشقيقة والصديقة الراعية للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية لعمل لجان ومكاتب رقابية لما يجري في الشارع اليمني ومن اليوم وبشكل واسع ليشمل كافة المديريات والمحافظات حتى لا يحدث أي طارئ يعرقل اجراء الانتخابات في موعدها ويظهر كل طرف بعد ذلك ليوزع الاتهامات جزافاً حسب هواه ومصلحته الشخصية والحزبية , رغم أن الجميع يدركون أن إفشال هذه الانتخابات ليس من مصلحة احد .
وهذا ما يجب أن تدركه كافة الأحزاب والقوى السياسية وتحذر منه الدول الراعية للمبادرة وآليتها التنفيذية , وتعمل وفق حكومة الوفاق واللجنة العسكرية وكذلك هو دور شباب الثورة المرابطين في ساحات الحرية والتغيير مع إنجاح الانتخابات الرئاسية المبكرة لما تمثله من خطوة هامة في مراحل الثورة وأول أهدافها المطالبة برحيل الرئيس , لذا فإن من يسعون اليوم لإفشال هذه العملية الديمقراطية ليسوا إلا عناصر معينة ارتبطت مصالحها بالرئيس وتخشى أن تفقدها بذهاب الرئيس صالح وقدوم رئيس جديد إلى جانب البعض من المرتهنين لدول وقوى خارجية لا تحب الخير لليمن , أما السواد الأعظم من اليمنيين مستمرون حتى تحقيق كافة أهدافها , وعلى بقايا نظام الرئيس صالح أن يدركوا أن هذه الأيام التي تفصلنا عن الانتخابات هي المحطة الأخيرة لحكمهم ويجب أن يقفوا ولو مرة واحدة إلى جانب هذا الشعب وتطلعاته بالعمل على إنجاح الانتخابات الرئاسية المبكرة , ورغم مرور العام على انطلاق الثورة الشبابية وما رافق هذا العام والثورة من أحداث دامية وغيرها من مشاورات سياسية نؤكد انه يجب أن تتجسد الحكمة اليمانية هذه الأيام وحتى يوم الاقتراع كي نفوت الفرصة على الحاقدين ونرسم ملامح مستقبل أطفالنا وأرضنا على السواء , فهل نحن بحجم هذه المسئولية وهذا الحدث التاريخي الهام لن نكن كذلك , ولن نثبت للعالم أننا بالفعل أصحاب الحكمة إلا في حالة واحدة وهي إذا تركنا من اليوم السلاح بالبيت وعملنا بروح الفريق الواحد على تهيئة أجواء الانتخابات وقمنا صباح يوم الـ 21 من فبراير المؤتمري إلى جوار الإصلاحي والعامل والمعلم لانتخاب رئيساً توافقياً للبلاد بصورة حضارية وبنوايا صادقة ومخلصة، حباً في هذا الوطن الذي يحضننا جميعاً.
عبدالوارث ألنجري
مخاضات ما قبل الاقتراع 1487