;
عمار ناشر العريقي
عمار ناشر العريقي

كيف نتعايش مع خلافاتنا ونتجاوز تحدياتنا! 2669

2012-01-30 04:05:02




تعج الساحة اليمنية وتضج بحركات فكرية وسياسية متنافرة وأخرى متناحرة وقد زادت حدتها عقب ظهور ملامح نجاح الثورة المباركة وما تبعها ضرورة من تغير في المشهد السياسي وانفلات أمني وحشد عسكري وتجاذب سياسي، الأمر الذي سالت لأجله لعاب المتربصين والمتآمرين في الداخل والخارج وأثار مطامعهم وأغراهم لالتهام ما يمكن أن يكون قد خلفه النظام الفاسد البائد من خيرات منهوبة وسيادة مسلوبة، حيث يبقى التحدي دائماً هذا الطابور الخامس {هم العدو فاحذروهم}.. والذي غُض وشرق بنجاح الثورة السلمية وبأقل كلفة فحشر فناد: {فأجمعوا كيدكم ثم أتوا صفاً وقد أفلح اليوم من استعلى} فهو ينفث سمومه لإفشال مشروع الثورة النبيل في الإصلاح والتغيير بإثارة الفوضى والنعرات والفتن وجر البلاد إلى مربع العنف والحرب الداخلية والتقسيم والصوملة وتكرار أحداث يناير و94م وهو ما كان يراهن عليه النظام السابق {وفيكم سماعون لهم}.
إن الحفاظ على الأمن والاستقرار ودعم مسيرة الثورة في تحقيق العدالة والتنمية واستعادة الأمة والشعب لكرامتها وحرياتها وحقوقها وسيادتها مسؤولية جميع العقلاء والشرفاء وشباب الثورة أولاً ثم حكومة الوفاق واللقاء المشترك والحراك السلمي وحركات الانفصال وأنصار الشريعة والأحزاب السياسية والجمعيات الخيرية والمستقلين وعموم المخلصين، لا سيما في مثل أوضاع بلادنا المزرية، حيث صنفت تقارير الأمم المتحدة اليمن بأنها تقع ضمن أسوأ دول العالم في كل شيء: الفقر والبطالة وعمالة الأطفال وسوء التغذية والتنمية والصحة والتعليم والفساد وحسبنا تصريح الداهية الخبير عبدالكريم الإرياني المستشار الأول للرئيس السابق في مؤتمر بيروت حيث قال: (إن آخر ما كان يتوقعه هو حدوث ثورة في اليمن كونها أقل الدول العربية نمواً، وارتباطاً بوسائل الاتصال الالكتروني ومستوى الوعي الاجتماعي لدى الشعب اليمني محدود" هكذا قال وهو يؤكد منهجية النظام في حكم البلاد وفق سياسة الإفقار والتجهيل "جوع شعبك يتبعك" ومثله سياسة الإفساد والتخويف والتفريق "فرق تسد" وهي المنهجية العربية الفرعونية من قبل: {إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعاً يستضعف طائفة منهم يذبح أبناءهم ويستحي نساءهم إنه كان من المفسدين}.
وأمام هذه المخاوف والتحديات، فإننا لا نزال تحدونا الثقة بالله الرحيم الكريم كما أكرم الشعوب بهذه الثورات حيث كانت بحق "صناعة إلهية" فاجأت العالم {فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده}، فأسقطت الشعوب المستضعفة أنظمتها الفاشلة القمعية المستبدة وعسى الله أن يمن عليها بتحقيق كامل أهدافها البشرية والعظيمة {ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ونمكن لهم في الأرض ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون}، كما نراهن على الطبقة الجديدة للشعوب العربية في وعيها بحقوقها وأهدافها ومؤامرات أعدائها وفي إيمانها بربها ودينها وعدالة قضيتها وفي شجاعتها واستعدادها للبذل والضحية لتحقيق أهدافها وغيرتها الدينية والوطنية وخلعها ما كانت تلبسه أو يلبسها من ثياب الخوف والذل والجهل والخضوع والوهم الزائف والتدني المغشوش، لا سيما بعد تعري وسقوط الأنظمة الفاسدة وتخلي الغرب الحلفاء عن الأتباع العملاء {إذ تبرأ الذين أُتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب} وذلك في الدنيا قبل الآخرة وذلك في مثل تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا.. احتراماً ورضوخاً لإرادة الشعوب للحياة {ولينصرن الله من ينصره} وحتى نتجاوز التحديات ونحسن التعايش بل الاستثمار للخلافات فلا بد من التأكيد على الآتي:
1. اختلاف الآراء والاتجاهات الناتج عن اختلاف العقول والمدارك والثقافات والنفسيات والبيئات لا يبرر بحال أبداً ما نلمسه من التفرق والتنازع والتعصب المذهبي والحزبي والسياسي وبروز ثقافة الإقصاء والتهميش والعنف والمناطقية والكراهية والإرهاب الفكري، الأمر الذي من شأنه أن يوسع الجفوة والأزمة ويهدد السلم الاجتماعي والوحدة الوطنية والأمن الداخلي ويدخل البلد في أتوت الاقتال الداخلي الأهلية ومثل أحداث يناير وحرب 94م.
2. الاختلاف سنة إلهية كونية وطبيعة بشرية وضرورة واقعية {ولا يزالون مختلفين إلا ما رحم ربك ولذلك خلقهم} ومازال الناس على اختلاف تخصصاتهم يختلفون في القديم والحديث وحتى الأنبياء في الفروع والمتغيرات {لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجاً} مع الاتفاق الواجب في الثوابت والأصول.
وقد سبق الإسلام غيره من الحضارات والأديان بمراعاة الاختلاف ومبدأ الرأي والرأي الآخر ومعلوم اختلاف الفقهاء والمفسرين والمحدثين في بيان معاني النصوص وأصول العلوم حتى مع الآخر المخالف في المعتقد {لا إكراه في الدين} {ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن} بل تميز الدين بأن لم يحرم المخالف من الأجر الواحد جزاء اجتهاده ـ أي بذله الجهد في التوصل للحكم الشرعي ـ {والله لا يضيع أجر من أحسن عملاً} وخص المجتهد المصيب بأجرين: أجر الاجتهاد وإصابة الحق.
3. ضرورة التزام أدب الحوار وفقه الخلاف والقبول بالآخر والتعايش السلمي ومد جسور التعاون والتصالح والتسامح الديني والحزبي والسياسي والمذهبي والقبلي والمناطقي بين كافة أبناء الشعب والهم والهدف المشترك الواحد ـ وهو الضمان الكبير لتحصيل المصالح الدينية والوطنية.
4. إعادة بناء الإيمان والوعي الصحيح، وسيادة القانون والدستور ودور النقابات والمؤسسات، ورفض وصاية الشعوب على حكومات ومؤسسات الفساد، فهو صاحب الحل والعقد الفعلي ويوم أن غاب دوره تغول الفساد {فاستخف قومه فأطاعوه إنهم كانوا قوماً فاسقين} فليست الحكومة وحدها المسؤولة بل وعلماء وساسة السوء وشعوب الجهل والخوف فـ "إن وراء كل حاكم طاغية شعب يقبل الاستخذاء" كما قال الكواكبي {ولا يظلم ربك أحداً}، نعم لا بأس أن نختلف ولكن هل يمكن أن نحسن التعامل مع الاختلاف ويتحمل الجميع بحسب إمكانياتهم مسؤولياتهم في الإصلاح والتغيير وتقديم ما يمكن من تنازلات لاجتماع الكلمة وبناء الدولة الحديثة تقديراً لدماء الشهداء وآلام الفقراء والمسجونين والجرحى وتقديم كل ذلك على المصالح الشخصية والحزبية الضيقة!.
الشيخ عمار بن ناشر العريقي
رئيس رابطة علماء ودعاة عدن
ورئيس جمعية الحكمة ـ عدن

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد