يبدو أن العشوائية في اتخاد القرار مرض مزمن تعاني منه أجهزتنا الحكومية على اختلاف مراتبها وتعدد مهامها، إذ من الغريب أن يتم تحديد موعد نهائي لإجراء اختبارات نهاية الترم الأول للعام الدراسي الحالي ولازالت بعض المدارس مغلقة لصالح أحد الفريقين من مشهد المباراة السياسية في الوطن أو أنها لم تستوفِ شروط إجراء الامتحانات إلى الآن كالنقص الحاد في بعض المناهج الدراسية وعدم توفر المدرسين الذين يجوبون شوارع المدن، منددين بالحصانة السياسية وينسبو أن التعليم أكبر حصانة ضد الفوضى والجهل والتخلف والظلم!
والحقيقة أن طلاق الحكومة والشعب كان ضحيته أطفال اليمن الذين حرمتهم السياسية من الحصول على لعبة وها هي تحرمهم من الحصول على كتاب! ألم يكن من باب أولى أن يتم تأمين المدارس عبر مجالسنا المحلية ومكاتب التربية التي أصبحت خاوية على عروشها ثم النزول الميداني للإشراف على جاهزيتها لاستقبال الطلبة والطالبات أم أن حمى القرارات العشوائية انتقلت من الحكومة القديمة إلى الجديدة بقدرة قادر؟!.
يا جماعة ما هكذا تبنى الأوطان ولا هكذا تنشأ الأجيال، ما يحدث في مدارسنا عبث ما بعده عبث لأنه يحتقر وجود هؤلاء الأطفال أو يتجاهل حقوقهم ويسرف في القسوة على مشاعرهم ويزيد عليهم عبء مهمة التحصيل المنقطعة على مدى أربعة أشهر كاملة رأوا خلالها ما لم تراه أعينهم من قبل وسمعت آذاتهم ما لم تسمعه منذ أن تركوا بطون أمهاتهم ليلتحقوا بركب الماضيين في ريف الحياة إلى مدنيتها المزركشة بالحضارة.
أطفال المدارس اليوم رجال كبار ونساء أكبر ومن تمام العدل وكمال الإنسانية أن يعاملوا بمصداقية واهتمام، حرصاً على تنشئة جيل يؤمن بكم كمسؤولين وبموضوعية مهامكم ووصولها حد التطبيق العملي حتى يتمكن بدوره من استيعاب قصة الحاكم والمحكوم التي لم تعد واضحة بما يكفي ليسهل على مثل هؤلاء الأطفال فهمها الفهم المطلوب.
ينبغي مراجعة مهام وزارة التربية والتعليم وإظهار دورها البارز في انتشال الجيل من المستنقع الضحل الذي أغرقت نفسها فيه، راضية يوم التقى الجمعان وأصبحت دور العلم والرقي والتقدم والحضارة ثكنات عسكرية تفرز الموت والعنف والجبروت لصالح من ولأجل من؟! لا أحد يستطيع أن يجيب ومهما تكن الإجابة فإنها كاذبة وغير مجدية ولا تحمل شيئاً من الوطنية، وأيضاً يوم لم تنجح في إيصال رسالة الإنسانية التي نزل بها الروح على سيد البشرية يوم قال له: اقرأ فكانت أول كلمة تنزل من سماء الله إلى أرضه على عبده محمد صلى الله عليه وسلم نحن لسنا بحاجة إلى وزير يتلوه وزير، ووكيل يعقبه وكيل، ومستشار يتبعه مستشار والخطة التعليمية كما هي جامدة لا تتحرك إلا إلى الأسفل، ما الفائدة من تغيير الوزراء والتعليم يشكو بطئاً معرفياً شاملاً مع عدم خضوعه للتطوير والتجديد العلمي حتى أصبح منهجنا التعليمي كمخطوطة أثرية غير قابلة للتعديل.
ألا يوجد بين هؤلاء الوزراء من يريد أن يتعرى من الألقاب وينسلخ عن رفيع الألفاظ وينزل إلى شارع التعليم بنفسه ليرى بعينيه ما وصل إليه حال هذا الركن الشديد من قلة الحيلة؟!
إلا يوجد بين هؤلاء الوزراء من يتأمل معنى كلمة "وزير" ويلحظ أن بها من أوزار الناس ما بها؟! الوزير باختصار هو من توكل إليه مهام العامة من الناس في مرفقٍ معين فإن أدى أمانتها كان بها وإن لم يفعل فقد حمل على ظهره وزراً إلى يوم يبعثون، فهل تحملون المسؤولية كما ينبغي؟!
ألطاف الأهدل
الوزير.. حامل أوزار القوم! 2351