على مدى سنوات طوال وعلي عبدالله صالح ظل يتحدث بسخرية وشماته سمجة، أثناء حديثه عن شريكه في التوقيع على اتفاقية الوحدة السيد/ علي سالم البيض، عن طريقة خروجه بعد الحرب المشؤومة في 94م ولجوئه إلى سلطنة عُمان الشقيقة، وعودنا عند إلقاء جميع هرطقاته بمناسبة وبغير مناسبة أن يهزأ لحظة تعريجه على هذه الحادثة بالمصير الذي سار إليه البيض ويهدد خصومه السياسيين بنفس المصير، ويتحدث بذات الذهنية الشمشونية المريضة عن الهروب عبر البحر..
ولأن المولى هو من يقدر الأحداث كيما تكون للجميع عبرة وعظة، علها تجنبهم من الذهاب إلى ذات المصير، إلا من لا يتعظ ويصر على غيه وجبروته وتأخذه العزة بالأثم يجعله الباري يسير إلى مصير من سبقوه أو أشد سوءاً منهم، وهذا ما يحدث اليوم لصالح..
هزأ من لجؤ علي سالم إلى عمان وها هي السلطنة الشقيقة أولى محطات صالح بعد خروجه فعلياً من السلطة مجبراً ومكرهاً على ذلك بفعل وببركة الثورة الشبابية الشعبية السلمية.
صالح أيضاً ومن خلال الحالة الشمشونية التي تتلبسه كثير وقت، كان عندما يشعر بأن علي ناصر محمد يريد أن يعود إلى الواجهة السياسية عبر حدث ما يذهب صالح لتذكيره من ذات المنطق والذهنية المشوهة والمريضة بصراع الرفاق في جنوب الوطن الحبيب آن ذاك، ويقول ثمة من فرّ إلى أثيوبيا..
يا الله.. ما أحكمك وأعدلك تمهل ولا تهمل.. تجعل الأيام دولاً.. ها هي أديس ـ عاصمة أثيوبيا ـ ستكون تالي محطات صالح للخروج من السلطة والحياة السياسية ككل، دون رجعة وإن كان يُمنّي نفسه غير ذلك، إلا أن المعطيات والواقع يقول غير ما يُمنّي صالح نفسه..
هكذا أذاً بقصد أو بغير قصد وباختيار أو غير ذلك حُدد مسار صالح للخروج من السلطة عبر عمان وأثيوبيا وكأن الباري يريد للجميع أن يشهد هذه الحدث، حين نجا صالح ببدنه لكي يكون لمن خلفه آية ليتدبروا ويتيقنوا، بأن ميزانه عادل وقضاءه نافذ مهما كان اعتراض الخلق، وحاولوا تغيير وجهته.
وأنا هنا لست هازئاً ولا شامتاً ولا أدعو لذلك وإنما قصدت كتابة هذه الأسطر ليتذكر الجميع دروس التاريخ بغرض العظة والعبرة وليس الشماتة والاستهزاء.
إبراهيم مجاهد
عُمان وأثيوبيا.. دروس في التاريخ 1997