في فترة زمنية قياسية فقدت أسرة الأكوع ـ وهي أسرة قضاة من أشهر علماء اليمن وفضلائهاـ فقدت محمد بن علي الأكوع ـ المؤرخ الجليل، رئيس جمعية الإصلاح بإب ـ في ثلاثينيات القرن الماضي التي كان لها دور مشهود في الدعوات الإصلاحية الباكرة والقاضي العلامة المحقق/ إسماعيل بن علي ـ صاحب «هِجَر العلم ومعاقله»ـ وهو من أهم الإصدارات اليمنية وأغزرها, والثالث العميد/ محمد الأكوع ـ الضابط الشجاع الذي استبسل في الدفاع عن الثورة والجمهورية في أكثر من موقع ـ ويعتبر بحق من أهم الضباط في حصار السبعين يوماً.
أما الرابع فالعميد/ محمد بن علي الأكوع ـ عميد الأسرة وعميد الثوار والمثقفين ـ فهو العزيز على النفس القريب من القلب, ارتبط العميد الفقيد بالثورة منذ فجر الشباب، فقد كان من طلاب جمال جميل العراقي وحمل السلاح كطالب, دفاعاً عن صنعاء إبان الثورة الدستورية في 1948, وشارك في انقلاب 1955 كواحد من قادة الانقلاب، ونجا من سيف الجلاد بالفرار إلى عدن.
وفي عدن أسهم الفقيد إلى جانب الشباب "صالح عبده الدحان وعلي محمد عبده وعلي الأحمدي وأحمد عشيش وعبدالرحمن عبدالله وشعلان ومحمد أحمد نعمان وأحمد هاجي" في إعادة صياغة حركة الأحرار في صورة جديدة: «الاتحاد اليمني» بعيداً عن القيادة التقليدية التي أدمنت "قتل إمام بإمام".
طرح شباب الاتحاد اليمني قضية الثورة والقطع مع الإمامة, وتبوأ شعار "الجمهورية" الذي رفعه الأستاذ/ محسن أحمد العيني الصدارة، فكان هؤلاء الشبان الثائرون أوائل دعاة الجمهورية، فدبّجوا المقالات والندوات والمحاضرات قبل الأحزاب الحديثة.
فشل انقلاب "55" وانتصار الثورة القومية في مصر وفيما بعد في سوريا والعراق والجزائر، ساهم في خلق مناخ ثوري في اليمن، وتحديداً في عدن وتعز وحضرموت, وكان له تأثير كبير في بروز الطبقة الوسطى وظهور الحركات النقابية والاتجاهات السياسية الحديثة، ومنها الاتحاد اليمني الذي كان الفقيد الرائد أهم قياداته الشابة حينها.
ارتبط العميد بالأستاذين المناضلين شاعر الوطنية (كتسمية الجاوي) الشهيد/ محمد محمود ورحل العميد الثائر
عبدالباري طاهر
في فترة زمنية قياسية فقدت أسرة الأكوع ـ وهي أسرة قضاة من أشهر علماء اليمن وفضلائهاـ فقدت محمد بن علي الأكوع ـ المؤرخ الجليل، رئيس جمعية الإصلاح بإب ـ في ثلاثينيات القرن الماضي التي كان لها دور مشهود في الدعوات الإصلاحية الباكرة والقاضي العلامة المحقق/ إسماعيل بن علي ـ صاحب «هِجَر العلم ومعاقله»ـ وهو من أهم الإصدارات اليمنية وأغزرها, والثالث العميد/ محمد الأكوع ـ الضابط الشجاع الذي استبسل في الدفاع عن الثورة والجمهورية في أكثر من موقع ـ ويعتبر بحق من أهم الضباط في حصار السبعين يوماً.
أما الرابع فالعميد/ محمد بن علي الأكوع ـ عميد الأسرة وعميد الثوار والمثقفين ـ فهو العزيز على النفس القريب من القلب, ارتبط العميد الفقيد بالثورة منذ فجر الشباب، فقد كان من طلاب جمال جميل العراقي وحمل السلاح كطالب, دفاعاً عن صنعاء إبان الثورة الدستورية في 1948, وشارك في انقلاب 1955 كواحد من قادة الانقلاب، ونجا من سيف الجلاد بالفرار إلى عدن.
وفي عدن أسهم الفقيد إلى جانب الشباب "صالح عبده الدحان وعلي محمد عبده وعلي الأحمدي وأحمد عشيش وعبدالرحمن عبدالله وشعلان ومحمد أحمد نعمان وأحمد هاجي" في إعادة صياغة حركة الأحرار في صورة جديدة: «الاتحاد اليمني» بعيداً عن القيادة التقليدية التي أدمنت "قتل إمام بإمام".
طرح شباب الاتحاد اليمني قضية الثورة والقطع مع الإمامة, وتبوأ شعار "الجمهورية" الذي رفعه الأستاذ/ محسن أحمد العيني الصدارة، فكان هؤلاء الشبان الثائرون أوائل دعاة الجمهورية، فدبّجوا المقالات والندوات والمحاضرات قبل الأحزاب الحديثة.
فشل انقلاب "55" وانتصار الثورة القومية في مصر وفيما بعد في سوريا والعراق والجزائر، ساهم في خلق مناخ ثوري في اليمن، وتحديداً في عدن وتعز وحضرموت, وكان له تأثير كبير في بروز الطبقة الوسطى وظهور الحركات النقابية والاتجاهات السياسية الحديثة، ومنها الاتحاد اليمني الذي كان الفقيد الرائد أهم قياداته الشابة حينها.
ارتبط العميد بالأستاذين المناضلين شاعر الوطنية (كتسمية الجاوي) الشهيد/ محمد محمود الزبيري، والصانع الأول لحركة الأحرار الأستاذ/ محمد أحمد نعمان، وكان ارتباطه الأوثق بالنعمان.
وقد تولى الفقيد لجنة الإشراف على تصفية الوثائق في مقر الإمام بعد الثورة السبتمبرية، وتولى قيادة الأمن في تعز بعد الثورة, وترأس في انقلاب الـ5 من نوفمبر 1967 غرفة العمليات التي حضّرت للانقلاب الذي ضم كبار المشايخ والأحرار والبعث والضباط الكبار والسبتمبريين: أحمد الرحومي وصالح الأشول وعبدالله عبدالسلام صبرة وآخرين.
في حكومة الشهيد/ عبدالله الحجري تولى الفقيد حقيبة وزارة الداخلية والشهيد/ محمد أحمد نعمان الخارجية وكانا صنوين, وقد حدث أن اعتقلنا في الحديدة: علي محمد عبده ومحمد عبدالجبار وعز الدين ياسين وعبدالباري بسبب استضافتنا للإخوة أعضاء اللجنة الدستورية د/ عبد الرحمن عبد الله وصالح الدحان ـ ممثل الزعيم الشهيد سالم ربيّع علي ـ وناجي بريك ونزل حينها العميد ليطلق سراح علي محمد عبده، وبقينا في السجن قرابة الشهر.
عرفت عن العميد الكثير قبل معرفته شخصياً من خلال الرفيق/ عبد القادر هاشم الذي عمل معه في لجنة وثائق القصر في تعز بعد الثورة، ومن خلال رفيق دربه علي محمد عبده ومن صالح الدحان أيضاً.
كان الفقيد في المرحلة الأخيرة قد تفرغ للكتابة وللتأليف ويتردد كثيراً على مؤسسة العفيف الثقافية ويحتفظ بذاكرة حية تستقصي التفاصيل، وتستعيد المشهد حياً حتى بعد مضي الأعوام الطوال.
لم تفتر همته عن المطالعة والمذاكرة والتثقف فهو كرفاق دربه من الأحرار يتذكرون مسيرة حياتهم بحيوية عجيبة: إبراهيم الحضراني ومحمد عبدالله الفسيل والقاضي الجليل أبي الأحرار حقاً عبدالسلام صبرة وأحمد المعلمي، وهم من الجيل العصامي الذي تحدى جبروت الإمامة وقهرها, وقد ترك العميد الفقيد ثروة من الكتب والكتابة والمخطوط ما يتوجب على أسرته نشر هذه الكتب وصيانتها.
فرحم الله العميد وأسكنه فسيح جناته وألهم أهله وذويه الصبر والسلوان، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
المصدر أونلاين
الزبيري، والصانع الأول لحركة الأحرار الأستاذ/ محمد أحمد نعمان، وكان ارتباطه الأوثق بالنعمان.
وقد تولى الفقيد لجنة الإشراف على تصفية الوثائق في مقر الإمام بعد الثورة السبتمبرية، وتولى قيادة الأمن في تعز بعد الثورة, وترأس في انقلاب الـ5 من نوفمبر 1967 غرفة العمليات التي حضّرت للانقلاب الذي ضم كبار المشايخ والأحرار والبعث والضباط الكبار والسبتمبريين: أحمد الرحومي وصالح الأشول وعبدالله عبدالسلام صبرة وآخرين.
في حكومة الشهيد/ عبدالله الحجري تولى الفقيد حقيبة وزارة الداخلية والشهيد/ محمد أحمد نعمان الخارجية وكانا صنوين, وقد حدث أن اعتقلنا في الحديدة: علي محمد عبده ومحمد عبدالجبار وعز الدين ياسين وعبدالباري بسبب استضافتنا للإخوة أعضاء اللجنة الدستورية د/ عبد الرحمن عبد الله وصالح الدحان ـ ممثل الزعيم الشهيد سالم ربيّع علي ـ وناجي بريك ونزل حينها العميد ليطلق سراح علي محمد عبده، وبقينا في السجن قرابة الشهر.
عرفت عن العميد الكثير قبل معرفته شخصياً من خلال الرفيق/ عبد القادر هاشم الذي عمل معه في لجنة وثائق القصر في تعز بعد الثورة، ومن خلال رفيق دربه علي محمد عبده ومن صالح الدحان أيضاً.
كان الفقيد في المرحلة الأخيرة قد تفرغ للكتابة وللتأليف ويتردد كثيراً على مؤسسة العفيف الثقافية ويحتفظ بذاكرة حية تستقصي التفاصيل، وتستعيد المشهد حياً حتى بعد مضي الأعوام الطوال.
لم تفتر همته عن المطالعة والمذاكرة والتثقف فهو كرفاق دربه من الأحرار يتذكرون مسيرة حياتهم بحيوية عجيبة: إبراهيم الحضراني ومحمد عبدالله الفسيل والقاضي الجليل أبي الأحرار حقاً عبدالسلام صبرة وأحمد المعلمي، وهم من الجيل العصامي الذي تحدى جبروت الإمامة وقهرها, وقد ترك العميد الفقيد ثروة من الكتب والكتابة والمخطوط ما يتوجب على أسرته نشر هذه الكتب وصيانتها.
فرحم الله العميد وأسكنه فسيح جناته وألهم أهله وذويه الصبر والسلوان، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
المصدر أونلاين
عبدالباري طاهر
ورحل العميد الثائر 2171