;
عبدالوارث ألنجري
عبدالوارث ألنجري

الصندوق الذي أسكت المسؤولين 2039

2012-01-17 16:31:57



يوجد في جميع محافظات الجمهورية وفي السابق كانت إيراداته إلى جيوب المحافظين ومدراء عموم الأشغال العامة، ومنذ أكثر من خمسة عشر عاماً تم إعداد قانون خاص به وتنظيم عملية الإيرادات والصرفيات لهذا الصندوق بما يسهم في عملية نظافة المدن والتحسين لها من خلال رصف وزفلتة الشوارع الفرعية وإجراء عملية صيانة مستمرة لها وإصلاح الجوالات والتقاطعات والحفر المنتشرة في تلك الشوارع -إن وجدت- وتشجير الجزر الوسطية وبعض الأرصفة الواسعة وغيرها طبعاً إلى جانب مشروع النظافة المستمرة لشوارع وأحياء المدن.
وقد خرج ذلك بما يسمى صندوق النظافة والتحسين وحدد القانون موارد ذلك الصندوق، ولكن للأسف ظل القانون في وادي وما يجري على الواقع في وادي آخر، حيث تم تشكيل ذلك الصندوق في بعض المحافظات بإدارة مستقلة عن مكاتب الأشغال في الوقت الذي لا تزال موارد التحسين تحت تصرف المحافظين والنظافة بنظر الأشغال أو ما يسمى البلدية في بعض المحافظات، كما ان البعض قام بإضافة رسوم أخرى إلى موارد الصندوق إلى جانب تلك الموارد التي حددها القانون.
ظلت هذه الصناديق خلال العشرين السنة الماضية بعيدة عن تقارير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة ومندوبيه إلا ما ندر وفي نفس الوقت التعتيم من قبل إدارات الصناديق والمغالطة فيما يخص حجم الإيرادات وكذا الصرفيات وقنوات صرف تلك الإيرادات وقانونيتها إلى غير ذلك وقد تعمدت تسمية صندوق النظافة والتحسين بالصندوق الأحمر لعدة أسباب منها.
أولاً لأن لون صندوق القمامة هو اللون الأحمر.
 وثانياً لأن معظم تلك الصناديق والحديث عنها وإيراداتها ومصيرها لا يزال خط أحمر بالنسبة لتلك القيادات التي تدير هذه الصناديق وكذا الموظفين العاملين فيها.
وفي محافظة إب انتقلت إدارة صندوق النظافة والتحسين بالمحافظة بعد أول انتخابات محلية من العميد احمد الحاج الذي تم انتخابه أميناً عاماً للمجلس المحلي بمحافظة تعز إلى العميد/ أمين علي الورافي، الذي انتخب هو الآخر أميناً عاماً لمحلي إب، والذي بدوره عمل على توسيع نشاط وعمل الصندوق إلى العديد من مديريات المحافظة والبحث عن موارد جديدة له والتي سنتطرق إليها لاحقاً مثل رسوم الدعاية والإعلان والتي كانت من اختصاص مكتب الأشغال العامة.
وبالرغم أن القانون ينص على أن المحافظ هو رئيس مجلس إدارة الصندوق، لكن ثقة المحافظ السابق علي القيسي بصديقه الورافي خولت للأخير العمل بمهام رئيس مجلس الإدارة، وخلال الخمسة عشر عاماً الماضية يلاحظ أن جميع وسائل الإعلام وبالذات الصحف ظلت بعيدة عن الحديث حول هذا الصندوق ومصير إيراداته الضخمة وغير ذلك، حتى القنوات الفضائية المستقلة منها والرسمية، ولعل كرم قيادات ذلك الصندوق مع الإعلاميين والصحفيين سواء الزائرين أو المقيمين كان أحد أسباب إغفال الإعلام للحديث عن تلك الصناديق وأدائها، طبعاً إلى جانب التعتيم المستمر من قبل تلك الإدارات ورفضها الخوض بالحديث عن تلك الصناديق وحجم الإيرادات ومصيرها.
ولعل المتابع للفعاليات والمهرجانات السياحية التي أقيمت خلال السنوات الماضية في محافظة إب يدرك أسباب اهتمام الإعلاميين بشكل عام وبدون استثناء بالأمين العام والمدير التنفيذي وتجاهل غيره من بقية الوكلاء ومدراء العموم.
وفي محافظة تعز تحدث الكثير عن إيرادات الصندوق التي صرفت في مشروع ترميم قلعة القاهرة والتي وصلت إلى مليارات الريالات، ولكن في محافظة إب لم نسمع أن إيرادات الصندوق أسهمت في تنفيذ أي مشروع داخل مركز المحافظة أو بقية المدن الثانوية ومراكز المديريات سوى تشييد مبنى إدارة الصندوق الكائن في مفرق جبلة، ذلك المبنى الأحمر الذي يشابه صندوق القمامة باللون والشكل.
أما فيما يخص مشاريع التحسين فلعل شوارع مدينة إب الرئيسية والفرعية وانتشار الحفر فيها خير شاهد على ما يعانيه أبناء المدينة والزائر لها، حتى الشوارع الفرعية التي رصفت كان الفضل بعد الله للخطة الاستثنائية التي حظيت بها المحافظة لاحتضانها فعاليات العيد الوطني السابع عشر والتي صرفت فيها مليارات الريالات.
ورغم أن تلك الشوارع قد رصفت بمادة الاسمنت وليس الإسفلت إلا أن الحفر قد انتشرت في معظمها وظل سؤال واحد يراود العامة من أبناء المحافظة كم حجم إيرادات صندوق النظافة وفروعه بالمديريات، وأين تذهب تلك الإيرادات؟ هل هي مبالغ زهيدة لا تكفي مرتبات لعمال النظافة ونفقة تشغيله للمعدات من سيارات وغيرها كما تقول إدارة الصندوق ؟ أم أنها مبالغ ضخمة ومرتبات العمال والنفقة التشغيلية لا تصل إلى ثلث تلك الإيرادات ؟ وما أسباب صمت الكثير حول مصير تلك الإيرادات وما هي قنواتها ؟ ما دور المحافظ الجديد القاضي احمد عبد الله الحجري، هل يقوم بدوره كرئيس مجلس إدارة الصندوق، أم أنه أبقى الحال كما كان عليه في عهد سلفه القيسي ؟ ألا يوجد خلاف بين الرئيس والمدير التنفيذي حول أداء الصندوق وإيراداته ؟ وما هي الأسباب ؟ وأبرز الخلافات التي تمت ؟ وماذا عن بقية وكلاء المحافظة، هل لهم نصيب من تلك الإيرادات التي يتحدث البعض بأنها تتجاوز في الشهر الواحد أكثر من سبعين مليون ريال؟ وما صحة مثل ذلك الطرح ؟ بل ما هي قنوات الإيرادات لصندوق النظافة والتحسين بالمحافظة وأين دور قيادات المعارضة تجاه ذلك وما أسباب صمتها وعدم طرحها لمثل هذه المواضيع في بياناتها وإعلامها وأنشطتها المختلفة ؟ هل لتلك القيادات نصيب من الكعكة وما سر ذلك الصمت الرهيب؟
هذه الأسئلة وغيرها سنحاول بقدر الإمكان الإجابة عليها من خلال بعض المستندات والشهادات والتصريحات والاستطلاعات بحيادية كون هذا مال عام ومن واجبنا الحفاظ عليه.
وبالعودة إلى قصة صندوق النظافة في محافظة إب، فقد كان الكثير من المراقبين يتوقعون حدوث خلاف بين رئيس مجلس الإدارة ونائبه حول إدارة الصندوق وإيراداته وهو ما لم يحدث، ولكن هنالك مصادر تؤكد قيام إدارة الصندوق برفع الاعتماد الشهري لما يسمى بدار الضيافة [صرفيات منزل المحافظ] إلى أكثر من خمسة مليون شهريا، وفي الأشهر الأخيرة من العام الماضي 2011م تفاجأ الكثير من قيام المحافظ بتعيين شخص نائباً لمدير عام الصندوق وهو ما يؤكد أن هنالك ثمة اتفاق بين الرئيس ونائبه حول أداء وصرفيات الصندوق، هنالك مصادر أيضاً تؤكد وجود كشوفات شهرية بمبالغ مالية للعديد من قيادات المحافظة من وكلاء المحافظة ومشائخ وشخصيات اجتماعية وسياسية وإعلامية وقيادات أمنية وكذا قيادات حزبية، ويتم الصرف عبر أمين الصندوق وبصورة سرية.
أما فيما يخص إيرادات الصندوق فإنه إلى جانب تلك الموارد التي حددها القانون هنالك العديد من الموارد الغير قانونية التي تم فرضها على المواطنين من أصحاب المحلات التجارية بصورة شهرية وكذا على أصحاب البسطات والباعة وأصحاب العربيات بشكل يومي إلى جانب تأجير الأرصفة الخاصة بالمارة لأصحاب المحلات التجارية لغرض عرض مبيعاتهم بصورة عشوائية وبدون تنظيم الأمر التي يسبب بالازدحام في شوارع المدينة وخاصة في السوق المركزي وسط مدينة إب.
كما قامت إدارة الصندوق بتأجير بعض الأرصفة الخاصة للمارة لأصحاب البسطات كما هو موجود في الرصيف الخاص بالمقبرة بداية شارع تعز، حيث أكد أصحاب تلك البسطات أنه قد قام الصندوق بتأجيرهم تلك المربعات بمبلغ (15) ألف ريال شهرياً على كل صاحب بسطة، إلى جانب تأجير الحدائق والمنتزهات وتأجير الجزر الوسطية لإقامة محلات عليها كما حدث في الجزيرة الوسطية المجاورة لفندق البرج وسط مدينة إب، هذا إلى جانب رسوم التحسين المتواجدة في فواتير الكهرباء والمياه والهاتف، وكذا موارد التحسين التي يتم جبايتها من النقاط في مداخل المحافظة مثل نقطة القاعدة ونقطة يريم، وقد قام أحد التجار باستئجار نقطة القاعدة من المجلس المحلي للمحافظة والصندوق بمبلغ خمسة ملايين ريال شهرياً بعد خلاف نشب بين التجار وموظفي الصندوق، وكذلك رسوم الدعاية والإعلام التي صادرتها إدارة الصندوق بصورة مخالفة وغير قانونية على مكتب الأشغال.
وأخيراً نفس تلك الإيرادات السابقة الذكر التي يتم توريدها من المدن الثانوية مثل يريم والقاعدة وجبلة والعدين وغيرها، حيث تورد تلك المبالغ مركزيا إلى إدارة الصندوق في مدينة إب بصورة مخالفة لقانون المجالس المحلية ولائحتيه التنفيذية والمالية.
ومن أجل أن تظل الأمور أكثر سرية، فإنه يتم تعيين العاملين في إدارة الصندوق ومناطقه والحسابات والشئون المالية للمناطق والمنتزهات والمتحصلين وغيرهم بعناية تامة ومن المقربين، وبسبب غياب هيبة الدولة والنظام والمسائلة سواء القانونية أو المحلية فإن أسرار هذا الصندوق لا يدركها إلا قليل من المنتفعين في الوقت الذي يشكو فيه عمال الصندوق من استبداد إدارته التي تتعامل معهم كعبيد وليس موظفين، يقومون بأسمى مهنة يجب على الجميع التعامل معهم بكل احترام وتقدير، حيث لا تزال مرتبات هؤلاء الموظفين زهيدة ولم تقم إدارة الصندوق بتثبيتهم كما تم في بعض المحافظات، وفي حال مرض أحد العمال وتغيب لعدة أيام يتم فصله من العمل، والسؤال الذي نطرحه نهاية هذا الموضوع هو ما الذي يمكن أن تقدمه الثورة الشبابية وحكومة الوفاق في إصلاح وضع الصندوق والحفاظ على إيراداته المهولة واستخدامها في إصلاح وتحسين مدينة إب وشوارعها وبقية من المحافظة الثانوية ومراكز المديريات؟!.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

أحمد عبدالملك المقرمي

2024-11-29 03:22:14

نوفمبر المتجدد

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد