الثورة ليست تقاسماً للأدوار وصراعاً على السلطة وتبادل مصالح، إن الثورة أسمى من ذلك بكثير, فهي إرادة شعب للتغيير نحو الأفضل مهما كلف الثمن , وفي هذه الثورة الشبابية الشعبية السلمية التي انطلقت في بلادنا منذ عشرة أشهر سقط الآلاف من خيرة شباب اليمن شهداء في مختلف محافظات الجمهورية، ناهيك عن عشرات الآلاف من الجرحى وانهيار الاقتصاد الوطني وتدمير الكثير من البنية التحتية لهذا الوطن, ولأن إرادة الشعب لا تقهر، ولأن هذه الخسائر فادحة وعظيمة، فإن الثورة الشبابية الشعبية السلمية ليس فيها أي تراجع إلى الوراء ولن تقف عند نقطة محددة , ولن يتحكم فيها أو يديرها شخص أو حزب أو قبيلة معينة, فالأشخاص والأحزاب والقبائل هم من التحق بثورة الشباب وليس العكس , لذا فإن أي مخططات لوأد الثورة لا شك أنها ستصطدم بإرادة الشعب , وهذا ما يجب أن تدركه حكومة الوفاق الوطني ونائب الرئيس والحزب الحاكم وقيادات أحزاب المعارضة, فالشباب الذين لا زالوا معتصمين في ساحات الحرية والتغيير لم يتغير موقفهم من المبادرة الخليجية , حتى وإن قبل بها المعتصمون، فإن عامة الشعب لم يعلنوا قبولها أو رفضها , وكان من المفترض طرحها للاستفتاء من قبل كل مواطن يمني , فمن قاموا بالتوقيع عليها لا يمثلون كافة الشعب اليمني ورفضها من قبل الشباب المعتصمين خير شاهد على ذلك.
كما ندرك جيداً أن ظاهرة الفساد المالي والإداري وغياب قوة القانون والعدالة أبرز الأسباب التي دفعت الملايين من أبناء الشعب للخروج إلى الشارع بعد أن أصابعهم اليأس من إصلاحات قد يقدمها ذلك النظام الذي كان عوناً للفاسدين والمستبدين خلال فترة حكمه, لذا فإن الثورة على الفساد والمفسدين والمستبدين هي نواة الثورة الشبابية الشعبية السلمية في بلادنا ولا ينكر ذلك إلا صاحب مشاريع ومصالح خاصة به , وهذا ما لم تدركه حكومة الوفاق الوطني برئاسة محمد سالم باسندوة التي ما أن شاهدت الموظفين المحتجين في العديد من المرافق الحكومية يطالبون بإقالة القيادات الفاسدة فيها , حتى خرجت ببيان مصدرها المسؤول الذي يطالب المحتجين بضبط النفس.
ومن هنا سأطلق عليها اسم (حكومة ضبط النفس)، وليس حكومة الوفاق, فيجب على هذه الحكومة والتي نتمنى لها النجاح خلال فترة عملها يجب عليها أن تدرك تماماً أن الشعب اليمني صار أكثر وعياً وثقافة وإدراكاً, ولم يعد شعب أحمد يا جناه, ولم يعد الكلام مقبول لديه , ومن سبقكم قد أدرك ذلك مؤخراً, رغم براعته في المؤتمرات الصحفية والخطب , وعليكم أن تحسبوا كم عدد الكلمات والخطب والمقابلات الصحفية والفضائية التي أجراها منذ بداية الثورة والى اليوم, وكلها قد ذهبت أدراج الرياح ولم تأثر في الشباب أي شيء, بل على العكس زادتهم إصراراً على الانتصار للثورة وتحقيق كافة أهدافها.
يا حكومة الوفاق الشعب لا يعنيه إن كانت حكومتكم مدعومة من المبادرة الخليجية أو مجلس الأمن أو الغرب والأميركان وغيرهم, فلا يوجد أي شخص يدرك مصلحة هذا الوطن غير أبناءه الخمسة والعشرين مليون نسمة, عليكم يا أعضاء الحكومة أن تدركوا جيداً أن إسقاط النظام ورحيل الرئيس يعد أول أهداف الثورة الشبابية الشعبية السلمية وليس كل أهدافها, وقد قطع هؤلاء الشباب ومن معهم من الملايين اليمنية على تحقيق كافة أهداف هذه الثورة وليس الهدف الأول فحسب, فيجب عليكم الوقوف إلى جانب مطالب أبناء الشعب والمحتجين وليس المراوغة بتصريحات ضبط النفس، يجب عليكم إقالة الفاسدين الذين لا يزالوا متربعين في المرافق الحكومية, قبل أن يخرج الشعب ليطالب بإقالة الحكومة نفسها, وهذا ما لا نتمناه لكم.
أما إذا كنتم عاجزين عن إقالة هؤلاء الفاسدين وتلبية مطالب المحتجين من أبناء شعبكم، فعليكم تقديم استقالة جماعية وأرى أنه أشرف لكم من البقاء على تلك الكراسي, أما الشعب فإنه عازم على تحقيق كافة أهداف ثورته ولا تراجع عن ذلك.