عجباً لمسؤولي السلطة المحلية بتعز، ألا يرون بأعينهم حال تعز إلى أين وصل جراء التكدس المخيف للمخلفات في كل حارة وشارع؟، ألا يشمون تلك الروائح الكريهة المنبعثة من أكوام، بل جبال القمامة التي باتت مرتعاً خصباً للجراثيم والحشرات والأوبئة؟، أم أن مكيفات سياراتهم الفارهة لا تسمح بدخول تلك الروائح إليهم؟.
عجباً لأمر محافظ تعز ماذا ينتظر أن يعمل عمال النظافة حتى يجدوا من يسمعهم ويلبي مطالبهم المشروعة؟، هل ينتظر أن يمارسوا العنف حتى يتحرك هو وأعضاء السلطة المحلية بالمحافظة ويلتفتون إليهم؟.
إن حال تعز الذي وصلت إليه اليوم جراء إضراب عمال النظافة عن العمل يتحمل مسؤوليته كافة أعضاء السلطة المحلية دون استثناء، فطوال سنوات وهذه الفئة"عمال النظافة" تتشدقون باسمها وتتكلمون على لسانها وتتباهون أنكم فعلتم لها الكثير، فصنعتم لهم من البحر طحيناً وأسمعتموهم وعوداً معسولة وضربتم لهم الصدور، فعاشوا في وهم النعيم، فكانت حياتهم كلها جحيم في جحيم، واليوم وبعد عشرة أشهر من الثورة الشبابية السلمية تحرك المارد النائم في نفوسهم وخرجوا يطالبون بحقوقهم التي يعانون الكثير من أجل الحصول عليها .
إن عمال النظافة يوم اضربوا عن العمل تحولت تعز إلى مستنقع من النفايات تذروها الرياح هنا وهناك، فزاد عفنها وفاحت ريحها، فرسمت لتعز لوحة مشوهة وشكلت من شوارعها مشهداً لا يستساغ رؤيته أو متابعته، وبسبب إضرابهم باتت تعز تعيش على فوهة بركان قمامة ومليارات الجراثيم وآلاف الأمراض والأوبئة التي تهدد حياة الصغير والكبير .
إن تعز تمر بثورة في كل شيء حيث ظهر فساد المتنفذين على المكاتب الحكومية وتعروا عن حقيقتهم التي أوهموا الناس أنهم طاهرون من الفساد وأنهم لم يقربوا مال الدولة، إلا ما هو مخصص لهم كراتب وهم في حقيقتهم أبشع وأسوأ مما يمكن أن تتصوره ذاكرة أو يتخيله عقل.
عمال النظافة هم بشر، من حقهم أن يطالبوا بتحسين وضعهم، ومن حقهم أن يطالبوا بتأمين صحي وغذائي، ومن حقهم أن يطالبوا برواتب محترمة، ومن حقهم أن يطالبوا بالتثبيت في أعمالهم، ومن حقهم أن يقولوا لكم أيها المسؤولون في تعز إنكم ظلمتموهم طوال 33 سنة، كما ظلم الملايين من هذا الشعب، فاستغليتم الطبقة المهمشة "عمال النظافة" وكانوا سخرة لكم ولمن يدفع لهم الفتات لتحقيق أهدافكم التي من خلال استغلالكم لها حققتم مكاسب لكم، واليوم عندما خرجوا عن الطاعة وعصوا أمركم ورفضوا العمل إلا بعد أن تحققوا لهم مطالبهم أعرضتم عنهم ولم تعيروهم أي اهتمام .
ما هذا التصرف منكم قبل أيام تم سحب أكثر من ثمانمائة وعشرة ملايين ريال من حساب المشاريع التي تعطلت في تعز طوال فترة عشرة أشهر وصرفت مكافأة للجنة المناقصة أو حسب توضيح السيد المحافظ أنها مكافآت إشراف على مشاريع للمعنيين في المكاتب التنفيذية، فأين المشاريع التي نفذت وأين أثرها في الواقع؟، ألم تكن تلك المبالغ الأولى بكم كسلطة محلية أن تعالجوا بها مشاكل عمال النظافة وتسرعوا في حلها حتى لا تصبح تعز كما هي اليوم أينما تولي وجهك لا ترى إلا قمامة ولا تشم إلا روائح كريهة؟
إن ثورة المؤسسات اليوم كشفت عن سوءة عدد كبير ممن يجلسون خلف الكراسي والأبواب المغلقة وقدمتهم بصورتهم الحقيقية للشعب على أنهم فاسدون .
الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد اليوم لديها كم هائل من الدعاوي التي يقدمها الشعب وموظفو عدد من المؤسسات والمرافق الحكومية ضد مسؤوليهم، ينبغي الإسراع في تحريك تلك الملفات لأمرين أولهما أن تعيد الهيئة الاعتبار لنفسها بعد محاولات صالح ونظامه التأثير عليها بحكم السيطرة التي مارسها على كافة الهيئات الدستورية والرقابية في البلد، والثاني تعيد الثقة بنفسها أمام الجماهير أنها لن تتوانى في محاسبة كل من ثبت فساده وقدمت الدلائل والقرائن عن تلك المفاسد التي مارسها ويتهم بها .
عبدالهادي ناجي علي
تعز تتعفن .. 2163