قالوا له -عن العميد طارق محمد عبدالله صالح قائد الحرس الخاص: سنؤذيك إن لم تتوقف عن الكتابة وتناول الشأن السياسي .!!
لكنه قال: هذا التهديد لا يؤثر بي ولا يهزني لكن يؤسفني أن يصدر عن شخص يمثل سلطة تمتلك كل هذا القدر من السلاح المدمر مقابل قلم كل ما يمتلكه هو التعبير عن رأيه بقوة الحق الذي يمتلكه.
وسبق له قبل عدة أشهر, وتحديداً عقب مجزرة "جمعة الكرامة , إن قال: (( أجد نفسي اليوم مضطراً لتقديم استقالتي لفخامتكم لأني لم أعد قادراً على أداء أي دور خاصة بعد المذبحة البشعة التي جرت في صنعاء يوم أمس ( الجمعة 18 مارس 2011 ) والتي أدمت قلوبنا وأبكت عيوننا وأرهقت نفسياتنا وصدمت ضمائرنا التي ترفض كلياً وأياً كانت المبررات إزهاق نفوس عشرات الشباب الذين لا ذنب لهم سوى ممارسة ما منحهم الله تعالى من فطرة الحرية وكفلها لهم الشرع والدستور من حرية التعبير والمطالبة بالتغيير.. ومهما كانت التجاوزات في اللفظ والتعبير لديهم فإنها لا يمكن أن تكون مبرراً بحال من الأحوال للقتل وسفك الدماء)).
هكذا قال الصحافي والمحلل السياسي البارز, ونقيب الصحافيين اليمنيين السابق الزميل القدير والصديق النبيل الأستاذ/ نصر طه مصطفى , مخاطباً "المرفوض شعبياً علي عبدالله صالح"..مضيفاً" أرجو قبول استقالتي النهائية من موقعي كرئيس لمجلس إدارة وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) ورئيس للتحرير، وكذلك استقالتي من عضوية المؤتمر الشعبي العام ."
هكذا قال, وهكذا أجدني ملزماً أخلاقياً بتأكيد ما كنت قد قلته في وقته, وحينها ,للأسف الشديد,تلقيت اتصالات غبية من بعض الجاحدين ,ينكرون علي إنصاف الرجل وإعطاءه بعض حق.
وحقيقة لا يعد الزميل نصر طه أول المستقيلين من نظام حكم بقاياه يقترفون في أيامهم الأخيرة كل موجبات محاكمتهم.. لكن نصر كان أهم المستقيلين على الإطلاق.. ومن يعرف نصر طه لن يستغرب عليه هذا الموقف برغم قربه واحتسابه شخصياً على الرئيس السابق علي صالح.. ذلك أن الصحافي المتميز والباحث السياسي البارز نصر طه مصطفي من الشخصيات القليلة النادرة التي لا تزال نظيفة اليد,نزيهة المسلك,حسنة السمعة, شريف الضمير,عرف دوماً بترفعه عن السقوط في منحدرات الاصطفاف ضد كرامة المواطنين, أو مناهضة مطالبهم المشروعة في عيش كريم ومواطنة عادلة وشراكة كاملة في رسم حاضر أمن ومستقبل مشرق,كما عرف دائماً بموضوعيته في الطرح وتوازنه في الاختلاف في الرأي,ويكاد يكون أبرز الشخصيات الحائزة على احترام وتقدير مختلف أطراف المنظومة الديمقراطية والعمل السياسي ( معارضة وسلطة وموالاه)..
ذلك على المستوى العام .. إذن ماذا يكون نصر طه مصطفى على المستوى المهني والشخصي ؟.
سأقول لكم: على المستوى المهني ,في وكالة سبأ للأنباء هو أفضل وأنجح من تولى قيادة مؤسسة إعلامية حكومية شهدت في عهده من التطور التقني والالتزام المهني والتحول المؤسسي ما سيجعل اسمه محفوراً في سجل الرواد الاستثنائيين .. ولقد كان حقاً طوال فترة شغله لموقعه كرئيس لمجلس إدارة وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) ورئيس للتحرير, ما يقرب من عشر سنوات, باذلاً كل جهد ممكن للعمل بإخلاص ونزاهة وشرف وموضوعية عاملاً بكل صدق لبناء هذه المؤسسة الإعلامية الرائدة, حريصاً كل الحرص على المصداقية والوضوح والأمانة.. وفي عهده شهدت الوكالة تميزاً مهنياً غير مسبوق .. فاتحة أبوابها أمام الخبرات الصحافية والكوادر المهنية الشابة على مختلف انتماءاتهم السياسية دون تمييز أو إقصاء.. فقدمت بذلك تجربة راقية في احترام مختلف الآراء وانتهاج العدالة في التوظيف ..واعتماد المهنية معياراً في العمل.. وفي نقابة الصحافيين ,وبرغم قصر مدة شغله لمنصب نقيب للصحافيين, حققت النقابة مكاسب حيوية هامة ستجعلنا نتذكره بكل تقدير واحترام.. أما على المستوى الشخصي فالحديث بإنصاف يطول.. فهو ذو مروءة جعلته دوماً مقصداً لكل زميل أو صديق ألمت به نائبة أو داهمته محنة.. لم أجده يوماً متقاعساً عن مساندة زميل أو مساعدة صديق.. مبتسماً دائماً في وجه كل من يلتقي به .. متسامحاً باستمرار مع من يسيء له .. موضوعياً ومنصفاً في كل أوقاته مع من يخالفونه الرأي والقناعات ..إذا خاصم-ونادراً ما يحدث ذلك- فانه على الدوام لا يفجر.. وإذا تقاطعت أفكاره مع الآخرين فانه لا يقطع صلة ..
إنه إنسان بكل ما تعنيه الكلمة .. ورجل دولة بكل اقتدار.. وصحافي ومحلل بكل مهارة .. وهو قبل هذا وذاك صديق نبيل مروءته تحكم تصرفاته.. وأخلاقه توجه مسلكياته .. وطهارة ضميره تحدد مواقفه .. و ماذا بعد ؟ .. هل بالغت ؟.. لا والله تلك القناعة رسمتها علاقتي به زميلاً وصديقاً منذ أكثر من خمسة عشرة عاماً .. فإذا كان هناك من يخالفني فيما قلت فإني أقول له: من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر .
* الرئيس التنفيذي لمركز التأهيل وحماية الحريات الصحافية CTPJF
محمد صادق العديني
ببساطة أقول: نصر طه مصطفى 2131