أصبح اليوم معظم مسئولي الإدارات المختلفة في مختلف أجهزة الدولة يتحسسون رؤوسهم، ويكاد المسيء يقول خذوني بسبب ممارساتهم الإدارية السيئة، وفسادهم الذي أزكم الأنوف، بل وسارع الكثير منهم إلى تقمص مواقف جديدة ومتغيرة عن تلك المواقف العدائية التي عرفوا بها طيلة أشهر الثورة، وهؤلاء هم الأخطر في تأريخ الإنسانية، والتي يجب التنبه لهم والحذر منهم فهم أشبه بالسرطان ينخرون في قيم المجتمع كما ينخر المرض الخبيث بالجسم.
هناك الكثيرون طعنوا بأعراض الثوار وبأعراض الثائرات، شككوا بالثورة واعتبروها عملاً تخريبياً يستهدف اليمن واليمنيين، ويمول من دول أجنبية لتنفيذ أجندات غير وطنية، قالوا في الثورة وفي شباب الثورة ما لم يقله مالك في الخمر سواء كانوا مسؤولين، أو مدراء عموم، أو رؤساء مكاتب، ومدراء مدارس، أو رؤساء مواقع صحفية ومدراء تحرير، أو كتاب وصحفيين، واليوم وبعد التوقيع على المبادرة الخليجية وتشكيل حكومة الوفاق الوطنية غير الكثير من هؤلاء مواقفهم، وبدأوا يتلونون كما تتلون الحرباء، وتوجهوا يلهثون وراء الحصول على رضا قيادات التكتلات الثورية، ويستعطفونهم ويذرفون دموع التماسيح على الشهداء والجرحى، وهم أنفسهم من كانوا يشككون بأن هؤلاء ليسوا شهداء، ويذمون ويقدحون في نظام علي صالح بما لم يقله فيه شباب الثورة طيلة أشهر الثورة العشرة، وهنا يكمن خطرهم، فهؤلاء هم أصحاب المواقف الانتهازية، وهم أصحاب الطابور الخامس، هؤلاء هم من يتاجرون بحقوق الناس وأعراضهم وقضاياهم، وهؤلاء هم من يشجعون الفساد، ويمارسونه بكل أشكاله وأنواعه تحت مسمى حبهم وإخلاصهم لخدمة من يتزلفون إليهم، فكما تزلفوا إلى نظام علي صالح، بل وأسرفوا بالتزلف على حساب القيم الوطنية والحقوق الإنسانية، والمبادئ الإسلامية لينهبوا، ويسرقوا، ويفسدوا هاهم اليوم بدأوا يتزلفون إلى شباب الثورة، ويمدحونهم، ويتقربون إليهم ليمارسوا هويتهم المفضلة.
وهنا أدعو شباب الثورة ليحذروا من هؤلاء الذين يريدون أن يسجلوا بأنهم ثوار بعد أن انتصر الثوار لأنهم السم بعينه، أعرف صحفيا لم أستطع إقناعه يوما في بداية الثورة أن هذه هي ثورة شعب، وأنها ستنتصر لا محالة وهو مصر على أنها عمل تخريبي تخدم أجندات خارجية، اليوم يطوف سبعين شوطاً في اليوم والليلة يبحث عن قيادات شباب الثورة ليعرض عليهم خدماته واستعداده لتنفيذ ما يطلبون.
كما أني أعرف شخصاً آخر من هؤلاء كان إنساناً بسيطاً لا يمتلك سوى راتبه الشهري الذي لا يستطيع أن يوفر منه إيجار الشقة التي يسكنها حاله كحال أي موظف، و بسبب براعته بالتزلف أصبح مديراً لأحد المرافق التعليمية، ومسئولاً عن حالات الضمان الاجتماعي، وعن .., وعن.., وعن, وأصبح يمتلك من العقارات ووسائل النقل ما يحسد عليه، اليوم يتودد كالمسكين وصاحب الحاجة، ويتقرب من مسئولي أحزاب المعارضة ويبدي استعداده لتنفيذ ما يطلبونه منه كبادرة حسن نية فهؤلاء حرام، ثم حرام أن يصدقوا، ويجب أن يلفظهم التأريخ إلى مزبلته وأن يحاسبوا ويطبق عليهم مبدأ من أين لك هذا؟.
كما أن من المواقف الانتهازية استغلال الحالة الثورية لأبناء تعز، وشعورهم بالغبن من أحزاب المعارضة، ومن المبادرة الخليجية كونهم أكثر من دفع الثمن ولا يزالون حتى اليوم، ومحاولة التوجه بهم إلى دار الرئاسة بالسبعين، والزج بهم في أتون الصراع الخفي بين الحوثيين الذين يسعون لإفشال المبادرة الخليجية ليس حباً في الثورة وليس كرهاً للمبادرة التي نرفضها جميعاً، وإنما نكاية بصاحب المبادرة التي هي المملكة العربية السعودية التي نختلف معها كلياً بسبب تعاملها السيء مع الملف اليمني، وخدمة للمشاريع الإيرانية وبين القوى الثورية الوطنية التي تسعى لتغليب المصلحة الوطنية، ونزع المبررات والأعذار من يدي الرئيس الشرفي للتنصل من تطبيق المبادرة الخليجية وخصوصاً بعد الوقوف الكلي والفاضح للسفير الأميركي مع هذا النظام، وهنا يتضح مدى تشجيع هذه الإدارة (أي الأميركية) للفساد والاستبداد، ونهب ثروات الشعوب وكذب ادعاء وقوفها مع الديمقراطية وحقوق الإنسان.
وعليه فيجب على شباب الثورة، وعلى قادة أحزاب اللقاء المشترك والتي عانت من هؤلاء كثيراً, والذين وقفوا حجر عثرة أمام الإسراع في عجلة التغيير عليهم عدم الالتفات إلى هؤلاء، وعدم تصديق ما يحاولون أقناعهم به من أنهم كانوا مكرهين في مواقفهم تلك، وأنهم مع الثورة قلباً وقالبا، وانتهاج سياسة جديدة في التعامل مع مثل هذه الحالات حفاظاً على قيم المجتمع، وتعزيزاً لأصحاب المواقف الصادقة.
رسائل مهمة:
الرسالة الأولى لوزير الداخلية: أقِل أو أستقيل:
اللواء/ عبدالقادر قحطان - وزير الداخلية- نعرف أنك رجل قانوني من الطراز الرفيع، وصاحب مواقف مشهودة، وأنت اليوم على المحك إما أن تعزز هذا الانطباع، وتقف إلى جانب شباب الثورة، والمظلومين من منطلق ثوري ووطني، وتقيل كل المتورطين بأعمال القتل، وانتهاك حقوق الإنسان، بعيداً عن تنفيذ المبادرة الخليجية التي يستغلها هؤلاء للممارسة المزيد من أعمال الفوضى والقتل احتماء بتلك البنود في المبادرة المشئومة، أو تستقيل حفاظاً على سمعتك ومكانتك.
الرسالة الثانية لمعالي رئيس الحكومة ووزير النفط: الدبة الغاز بـ3500 ريال:
معالي رئيس حكومة الوفاق الوطني ووزير النفط قبل تشكيل هذه الحكومة كان سعر أسطوانة الغاز بـ2200 ريال وبوزن مرتفع، اليوم وبعد تشكيل الحكومة أصبح سعرها 3500 ريال وبوزن منخفض جداً مقارنة بالوزن السابق، فأين الحلول ؟ ومتى سينعم المواطن بخيرات هذه الحكومة؟، أم أنكم شاهد ما شافش حاجة؟، فالناس لا يزالون يشعرون بأن من يحكمنا هو نظام علي عبد الله صالح، وليس حكومة الوفاق التي يمتلك المشترك أحد مكونات الثورة النصف فيها، فالأمر هو، هو لم يتغير، وكأن الحكومة لا يرأسها رئيس المجلس الوطني لقوى الثورة، وهنا أوجه دعوة لكل مكونات القوى الثورية إلى انتخاب رئيس جديد للمجلس الوطني، إذ لا يصح أن يكون رئيس حكومة -لا تستطيع أن تقيل أركان حرب معسكر، أو توقف بث مؤتمر صحفي- هو رئيس المجلس الوطني لقوى الثورة.
محمد الحذيفي
إحذروا الانتهازيين 1875