يبدو أن معاناة أبناء أبين لا تنحصر في مأساة النزوح القسري الظالم عن موطنهم وديارهم ومصالحهم.. ولكنها تجاوزت ذلك إلى ما هو أسوأ وكأن المصائب أبت الاّ تتولى عليهم تباعاً في مواقع النزوح ومجالات العمل وفي الحل والترحال وهاهم معلمو البيضاء من أبناء أبين يتعرضون لمعاناة مزدوجة وقاسية.. فهم يعانون من مأساة نزوحهم مع أسرهم إلى عدن وما رافق ذلك من تشعب المعاناة، كما يعانون من الارتفاع الجنوني لأجرة المواصلات إلى البيضاء التي ارتفعت إلى ثلاثة أضعاف على ما كانت عليه سابقا، وفوق ذلك الهم الأكبر الذي يعانونه من إدارة التربية والتعليم بالبيضاء التي لا تفقه سوى معنى "قم للمعلم ووفيه التبجيلا" وكأنهم لا يفهمون من العملية التربوية والتعليمية إلا المخصصات المالية حين أقدموا على خصم مبالغ كبيرة من رواتب أولئك المعذبين في الأرض وصلت إلى ربع الراتب في حدها الأدنى وثلثي الراتب في حدها الأعلى..
هذه الإدارة "عديمة الإنسانية" لم تقدر وضع المعلمين النازحين وما وصل إليه حالهم الذي يصعب على الكافر.. إنهم بسلوكهم هذا إنما يمارسون أساليب الإذلال لأولئك المعلمين غير عابئين بوضعهم الإنساني المؤلم حين وقع على محافظتهم "الاختيار" لتكون مسرحاً لعمليات عسكرية وإرهابية مشبوهة الأهداف والنوايا.. لأنها نتاج صفقات قذرة بدأت تتكشف بعض خيوطها اليوم.. ليظهر كم كانت أبين مظلومة وأهلها ضحايا.. وهي تباع بثمن بخص للخارج!!!.
ونَّذكر هنا إدارة مكتب التربية والتعليم بالبيضاء أن أولى أولويات الإدارة التربوية الناجحة هو "المعلم" لأنه محور العملية التربوية والتعليمية وليس المخصصات المالية والجبايات الظالمة.. ويا هؤلاء، كان الأولى بكم أن تخفضوا من معاناة المعلمين النازحين لا أن تكونوا هماً آخر يرهق كاهلهم.. إن المعلم ليس "حارس عمارة" ولكنه صاحب رسالة ومصدر عطاء فكري وتربوي للطلاب.. ومثل هذه الإجراءات الظالمة "المناطقية" حتماً ستؤثر سلباً على أدائهم في المدارس وبالتالي سيؤثر سلباً على مستوى التحصيل العلمي لأبنائكم إن كنتم تفقهون.. وما هكذا يعامل مربو الأجيال؟ يا هؤلاء، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء.
منصور بلعيدي
معلمو البيضاء من أبناء أبين:معاناة مزدوجة.. في ظل النزوح 1998