كثيراً ما يقلقني هذه الأيام جو الاحتقان السياسي الذي تشهده محافظة عدن بين أنصار الثورة الشبابية و الحراك الجنوبي، وهذا ما دعاني إلى كتابة هذا المقال الذي أعده بمثابة حوار مفتوح للوصول إلى كلمة سواء تحفظ لهذه المدينة أمنها وسلمها الاجتماعي.
علينا أولاً أن نعي بأن أبناء هذه المحافظة سواء كانوا من أنصار الثورة أو من الحراك هم المعنيون فقط دون غيرهم بإدارة أي خلاف سياسي أو أخطاء قد تقع دون وصاية أو تدخل ممن هم من خارج المحافظة و الذين يتواجدون فيها بكثرة هذه الأيام ولا ننكر أن هناك منهم الكثير من العقلاء ولكني أتحدث تحديداً ممن هم في عدن.
وحتى لا يذهب بال القارئ بعيداً فإنني هنا لست بصدد تصنيف الناس على أساس مناطقي ولكن من خلال وقوفي على أكثر من حادثة أجد المتسببين فيها هم من مناطق خارج عدن تحديداً بسبب تعودهم على هذه الأساليب العنيفة في مناطقهم عند أي خلاف في الرأي، فيجب الانتباه إلى هذه الجزئية الخطيرة، وذلك بسبب أن هؤلاء الدخلاء على عدن ليسوا من أبناءها و بالتالي لا يهمهم الحفاظ عليها بينما تجد مناطقهم في الأرياف هذه الأيام من أهدأ المناطق و لا يوجد فيها أي مشاكل سياسية و أي مشكلة تقع يتم حلها سريعاً و لم نسمع تحريضاً على شباب الثورة في تلك المناطق، ومرجع ذلك في ظني هو البعد القبلي الذي يطغى على أي خلاف سياسي ممكن بينما نراهم في عدن يحاولون الدفع بالخلاف نحو العنف بين أبناء عدن و جرهم لحسابات سياسية خاصة طالما وعانى منها أبناء هذه المدينة.
وعند تتبع أقرب حادثة من هذا الاحتقان في عدن او ضد أبنائها سنجد من أفتعلها وأججها ولا يزال جمعهم أشخاص من خارج حدود عدن، هل قدر لعدن أن تكون ساحة صراع المتضرر الوحيد منها أبناؤها دون غيرهم.
أجزم أن بين جميع أطياف عدن بكل توجهاتهم لغة مشتركة وحوار يدور حتى اللحظة وهم الأقدر على التنسيق وتجاوز أي مماحكات أو نتوءات قد تظهر، بشرط أن لا يسمحوا للأفكار الاقصائية والعنيفة أن تطغى فوق أصواتهم، وخطابي هنا للكثير من قيادات الحراك والشباب وكذلك قيادات وشباب الثورة السلمية الذين نعرفهم بالاسم ونثق بقدرتهم على أن يكونوا جميعاً صمام أمان عدن وأن يستشعروا مسؤوليتهم تجاه مدينتهم عدن وأهلها المسالمين.
و من هنا أوجه دعوة خالصة لأبناء وشباب عدن من أنصار الثورة أو من الحراك الجنوبي، لفتح باب الحوار الجاد والتقارب و عدم إعطاء أي أحد دخيل من خارج المحافظة أي فرصة لتأجيج الخلافات و دفعها نحو العنف، فأنتم وأنتم فقط المعنيون بحل مشاكلكم و كلي يقين أنكم ستكونون عند مستوى المسؤولية.
وأخيراً قد يستغل البعض كلامي لصب الزيت على النار، لكن حسبي أنه هناك الكثير من العقلاء سيفهم مقصدي، خصوصاً و أن لعدن خصوصية شديدة الحساسية في رفض الإقصاء والهيمنة و الفكر الواحد و لا نريد لعدن أن يصل بها الحال كما وصل الحال في تلك المناطق من تقطع للطرق و إقلاق السكينة و حوادث القتل العشوائي، فإذا كانت عدن بحق حاضنة جميع الجنوبيين فليس من مصلحة أحد الإساءة إليها و تشويه صورتها التي طالما تغنينا بها.