بتلك العقلية المريضة التي لا تعرف إلا الانتصار للذات والهزيمة للوطن، عاد صالح يوم ليل أمس الأول ليلقي على مسامع أعوانه كلمات، أثناء اجتماع لجنته العامة وما يسمى أحزاب "اللقاط الوطني"، لكي يثبت للعالم أنه لا معنى لتوقيع المبادرة وأنه سينقلب عليها لا محالة، وقد بدا ذلك واضحاً حين ذهب يتحدث عن ضرورة رفع الاعتصامات وإيقاف المظاهرات بعد التوقيع على المبادرة، وهذا مؤشر إلى أنه يسعى ويخطط لفعل كهذا، حيث أن المبادرة والآلية التنفيذية لا تنص على رفع اعتصامات ولا إيقاف مظاهرات، كما أن هذا القول يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك مدى القلق والوجع والخلخلة التي تحدثها الفعاليات الثورية بدءاً من الاعتصامات وليس انتهاءً بالمسيرات التي ينفذها شباب الثورة، وإسهامها بشكل رئيسي في اقتلاع النظام العائلي من سدة الحكم..
عاد صالح ليقول للعالم وقعت على المبادرة لكن لن أنفذها، كونه لا يزال يُمنِّي نفسه بأنه رئيس فعلي من خلال إصدار قرارات ومرسومات رئاسية وتوزيع صكوك الغفران للسدنة والقتلة، وعادة ما كان يفعل ذلك ليس ليثبت أنه متسامح ولكن لأنه يعرف جيداً من الذي أصدر مرسومات القتل أصلاً.
يدرك صالح أن صبر الشباب واستمرار نضالهم السلمي في ميادين وساحات الحرية والتغيير هو الذي سينتزع منه الروح لأنه لا يستطيع العيش خارج خريطة دار الرئاسة ولو كلف ذلك حياة شعب ومستقبل ومصير وطن، كما يدرك صالح جيداً أنه لا يستطيع العيش دون أن يلقي خطابات ويتم التصفيق له ولو بالأحذية، لذا يعمل جاهداً على اختلاق المناسبات لكي يتحدث فيها والمضحك المبكي أنه عاد – وعودته مثل عدمها في حال لزم الصمت – عاد ليقول لأتباعه الذين خرجوا يزغردون ويرقصون لأنه وقع المبادرة ـ في حين كانوا قبل ذلك يرفضونها ـ يقول: التوقيع انتصار للشعب ولا غالب ومغلوب فلا يُمني أحد نفسه أن فلان انهزم وفلان انتصر"، طبعاً هذا أهم شيء عنده لأنه تعود دائماً بأن يكون الوطن مهزوماً وينتصر هو عسكرياً..
الرائع في عودته أنها تزامنت مع انطلاق منافسات ما سماها الإعلام الرسمي "بطولة الرئيس الصالح الدولية العاشرة للشطرنج".
- طبعاً لم يشارك أي لاعب دولي في هذه "الطنافس" المفتعلة – هذا التزامن يذكرني بظهور المقبور معمر القذافي مع رئيس الاتحاد الدولي للشطرنج وهو يلعب الشطرنح في منتصف حزيران/ يونيو المنصرم وأكد أنه لن يتخلى عن السلطة ولن يغادر البلاد، وها هو صالح يعود ليؤكد أنه لن ينقل سلطاته للنائب وأنه لن يغادر البلاد إلى نيويورك، وكأني بصالح يرسم بتنقلاته غير المدروسة وخطاباته الممجوجة خريطة لنهاية مؤلمة له وكل أقربائه كما فعل القذافي، وإلاّ ما معنى إصراره على عدم تسليم صلاحياته لنائبه الذي لا زال يحضر الاجتماع كواحد من أعضاء اللجنة العامة.
إبراهيم مجاهد
صالح.. كش ملك 2500