تعز الأبية الصامدة تنزف دماً كل يوم، على مرأى ومسمع من العالم، وتقدم قوافل الشهداء، قافلة إثر قافلة حتى في الأيام المقدسة التي تعظم فيها حرمات الله، أمر يثير في النفوس تساؤلات كثيـرة.
ما مبرر هذه الوحشية؟!، وما مبرر هذا الانتقاء والاستفراد بتعز؟!، أكانت تعز يوماً مركزاً للقاعدة أو مرتعاً خصباً للإرهاب؟!، وهي التي لا يحمل سكانها إلا أسلحتهم المميزة " معاول البناء وأدوات الإعمار والكتب الدراسية والثقافية".
ويعود التساؤل مجدداً، هل كانت تعز هي من يحيك المؤامرات ويختلق الأزمات لتخنق الشعب اليمني؟!، هل هي المتسببة في قطع الكهرباء وإغراق اليمن في ظلام دامس تعطلت فيه مصالح العباد وحورب الناس في أرزاقهم وأقواتهم؟!، هل تعز هي المتسببة في قطع البترول والغاز بأسلحتها المذكورة؟ فاستوجبت لعنات الشعب اليمني عليها؟!
هل هي من باعت السيادة الوطنية وفتحت مجالات اليمن الجوية لقصف اليمنيين بطائرات أميركية بدون طيار؟!، هل هي التي تتاجر بمقدرات الوطن وتبيع حقول النفط وتجني من ذلك أموالاً لا طاقة لأبنائها بحملها؟!
هل هي من شنت حروباً شعواء على أبناء اليمن في كل من صعدة صعدة ونهم وأرحب وأبين وغيرها وراح ضحيتها الكثير من القتلى والجرحى؟!، هل هي..؟، هـل هي؟!، هل هــي؟!..
تساؤلات كثيـرة، برئت منها ساحاتها ولم يبرأ منها الطغاة والمسؤولون الظالمون، فعلامَ تضرب تعز إذن؟!.
هل لأنها لم تصبر طويلاً على سياسة الإقصاء والتهميش التي مورست ضدها طيلة ثلاثة عقود ونيف؟! أم لأنها عانت وما تزال من التمييز المناطقي "هذا لغلغي" و"هذا من أصحاب منّزل"؟!، تحقيراً وتصغيراً لشأن أبناء تعز؟!، أم لأنها صبرت أيضاً على الفقر المدقع الذي لازمها حتى أصبح صفة لأبنائها؟! أم لأنها كانت وما تزال تعاني أزمة ماء خانقة أثقلت كواهل أبنائها؟! هل تجازى تعز على كل هذا الصبر بكل هذه الوحشية؟!
فما أن صرخت تعز صرخة مدوية في وجه الظلم، وحفزت الشارع اليمني للنهوض من سبات طويل، فانطلقت شرارة الثورة وتداعت لها سائر محافظات الجمهورية، مشكلة ساحات الحرية والتغيير.
إن كان الأمر كذلك - وهو كذلك- فلله درّ تعز، ودر أبنائها البواسل الذين يقدمون في سبيل عزة هذا الوطن أغلى ما عندهم، أولادهم وآبائهم، رجالهم ونسائهم اللاتي لم تراع لهن حرمة، فضربن في الشوارع وقتلن في مصلاهن، وهن متوجهات لخالقهن، لتكتمل صورة الظالم وتزيد قتامة وبشاعة، فقد تجاوز بفعلته كل الشرائع والأعراف وجميع الخطوط الحمراء، وظهرت صورته البشعة جلية لا تخفى إلا على ذوي الأبصار الكليلة.
فيا من دعتك قدرتك على ظلم الناس.. تذكر قدرة الله عليك.