الله يلهم مدينتا" الحوطة" الصبر والسلوان، فهاهي تفجع من جديد وتصاب في مقتل بعد أن تساقط رجالها الواحد ـ تلو الأخر ـ كأوراق الخريف. فهانحن بالأمس القريب تألمناً لمحاولة القتل التي تعرضت لها الناشطة في الحراك الجنوبي الأخت " ثريا مجمل" واليوم نقتل ألماً وحسرة ونحن نشيع فقيدنا المهندس "محمد الصعو" في جريمة بشعة يؤخذ الرجل فيها غدراً أمام منزله. حادثة أليمة هزت الجميع وأطلقت أسارير البعض، أولئك الخفافيش الذين يقفون وراء كل هذه البشاعة. للأسف لم تسعفن الأيام لأتعرف على هذا الرجل عن كثب، لكني سألت عنه أطراف عدة أولهم والدي العزيز الذي آلمه جدا ما حدث، فالجميع أتفق عن كونه " إنسانا رائعا" في زمن اللا إنسانية وكريماً في زمن " البخل الأخلاقي" وشجاعاً في زمن " الجبناء" ولطيفاً في زمن" القسوة والجمود"..
كان إنساناً وكفى وقد تجرد قاتلوه من كل ذرة إنسانية وأخلاق وضمير. رحيله كان مراً وملابسات الحادثة والتساؤلات العدة التي تركتها لعقولنا أمر وأمر..لماذا هو؟؟ من القاتل..أو القتلة؟؟ ما الدوافع؟؟ ومن التالي؟؟، تساؤلات يسأل الناس عنها ويجيبون أنفسهم..لا أملك تلك الحقيقة كغيري من البسطاء، لكني بالتوازي أملك يقيناً شديداً أن بعض الحقائق تسير عارية، لكن الكثيرين يغضون الطرف عنها ويغمضون أعينهم لا حياء وخجلاً بل جبنا وخنوعاً ولكن ألا يعلمون أن الصمت جريمة حرب وأن الحرب التي تدور اليوم هي مؤشر خطير لمرحلة العبث الأخيرة التي نحن في الطريق إليها ونسير نحوها قدماً وبخطى ثابتة وفي مركب واحد. يؤلمني الدم البريء حين يغطي الأرض, يؤلمني أشد "من بيوتهم من الزجاج ويصرون على رمي الآخرين بالحجارة "..لا بل يقتلني ألماً عبث الواقع المعاش حين تنقلب الموازيين، فيصبح القتلة خارج القضبان والأبرياء خلفها, يصبح للشر رؤوس يانعة في كل مكان لا يقطفها أحد، بينما رؤوس الخير تقطف و تتخطف بين جنباتنا, يا أهالي لحج اسمحوا لي أن أحرضكم على الغضب فأغضبوا أرجوكم..وأغضبوا وأغضبوا، فصمتكم عن كل ما يحدث لمدينتكم هو جريمة أشد بشاعة من أي جرم أخر ويبقى العقاب فيه هو ما ستنالونه أنتم وحدكم بالأسى الذي سيلحق بمدينتكم, اجعلوا غضبكم يذكي في أرواحكم النخوة ويوقد في قلوبكم جذوة الأمل للانعتاق والخلاص من حياة الظلام هذه نحو النور والحرية..هبوا للبحث عن الحقيقة ليس لهذا الأمر فقط بل الحقيقة لأنفسكم..لحاضركم اليوم ولمستقبلكم غدا ومن أجل وطن مفقود..مفقود تكاتفوا من أجله اليوم وتفرقوا عن كل من يعبث به ويسرقه منكم خلسة أو في وضح النهار.
يرحمك الله فقيدنا العزيز..أردت لوجه الحوطة العابس بعضاً من النور والبهاء حين شرعت بوضع لمساتك الطيبة في كل مكان..وإزاحة أكوام من القمامة هنا وهناك، لكنك لم تستطع إزاحتها من تلك القلوب السوداء..أردت خيراً وهم أرادوا أشياءً أخرى فنالوها..لكن أليس حين تغيب عدالة الأرض تبدو عدالة السماء واقعة لا محالة؟!
هامش أخير: القاتل يقتل ولو بعد حين، أما الحقيقة وان غابت لكنها لا تموت أبداً..
شيماء صالح باسيد
محمد الصعو رحيل مُر...وتساؤلات أمر 2196