الأخذ والرد غير المنتهيين بخصوص المبادرة الخليجية وآلية تنفيذها، والتي روعيت فيها حلحلة الأزمة اليمنية المستعرة منذ تسعة شهور، يبدوان بغير نهاية.
قص المبادرة وتفصيلها على مقاس الأطراف السياسية المنخرطة في العملية التفاوضية لنقل السلطة وإنهاء حركة الاحتجاجات، لن يجدي في شيء، ولا يعتبر بأي حال من الأحوال وسيلة بناءة، في وقت من المفروض وضع حد لنزيف الدم اليومي المتواصل في أكثر من مدينة يمنية، وهو الأمر الذي لم يعد مقبولاً، لا من الأطراف اليمنية الغيورة على مصلحة البلاد، ولا تلك الإقليمية والدولية.
الخشية من التدويل موجودة دائماً، ولكن العبرة هي في قطع الطريق على التدويل، عبر اتباع أساليب تحتضن الحل الوطني والعربي. وليست المبادرة الخليجية ببعيدة عن ذلك الحل، بل هي في صلبه ومن أجله. والحال، أن الإسراع في التوقيع على المبادرة، هو وحده ما سيجنب اليمن المطبات على طريق الخلاص من مشاكله التي تتعدد وتكاد لا تنتهي، فتبدأ سياسية وتمر بنفق الاقتصاد ولا تنتهي بقضايا الأمن، خاصة مع الموقع الجيوسياسي المهم جدا لليمن.
وعليه، فإن مصلحة اليمن يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار، ومعها مصلحة الجوار، وتالياً مستقبل الاستقرار والأمن في المنطقة، بدلاً من الغوص في متاهات شياطين التفاصيل الخاصة بالمبادرة، ما يعني استمرار حلقة التأجيل المفرغة.
الوضع اليمني، ومعه الوضع في سوريا أيضاً، يتطلب وعياً كبيراًَ وكبيراً جداً من الجميع، والسمو على المصالح الآنية التي لن تغني ولن تسمن من جوع، إن أحرقت نيران الأزمة أصابع التكتلات السياسية على اختلاف مشاربها، مع تأكيد الثقة بمصداقية تلك التكتلات، ورغبتها في حل عملي وشفاف لما يحدث في بلادها.
دول الخليج فتحت الباب لمخرج سياسي، قد يغلق في قادمات الأيام، إن لم يدرك الجميع أن إغراق أي مبادرة بالتعديلات والتوجس من ما قد تحمله ومن مواقف النظير في الوطن الواحد، ليس مفتاح ذلك المخرج، بل هو القفل الصدئ الذي سيعلن نهاية الجهود، ووصولها إلى طريق مسدود.