دقت ساعة التغيير في اليمن بالتوجه إلى تفعيل المبادرة الخليجية في إطار تحرك أممي لنقل السلطة قبل انعقاد دورة مجلس الأمن، لكن كلما لاحت في الأفق فرصة اقتراب اليمنيين من التوافق على توقيع المبادرة الخليجية انهمر الرصاص وتساقط القتلى والجرحى وتدفقت سيول الدم، ليجد اليمنيون أنفسهم مضطرين للعودة إلى المربع الأول.
الأزمة في اليمن تختلف عن بقية البلدان العربية التي ناضلت وتناضل لنيل حقوقها، ففي هذا البلد القبلي الطابع، امتاز النظام الحاكم عن بقية الأنظمة العربية الأخرى بفن «المماطلة»، فبدلاً من رفضه التنازل عن السلطة بصورة معلنة كبقية القادة العرب، أدخل اليمنيون والدول العربية صاحبة الوساطة والعالم في متاهات من دون الوصول إلى نتيجة ملموسة، واليوم فقد انكشف الأمر وحان الوقت للفصل كلياً في أزمة اليمن دون أية مزايدات.
فبعد شهور من الاحتجاجات وإراقة الدماء والدبلوماسية أصبح اليمن منغمساً في صراع بين أنصار النظام وخصومه بشكل ربما يؤدي إلى دخول البلاد الفقيرة في حرب أهلية وانهيار اقتصادي، ليس صحيحاً أبداً أن اليمن سيغرق في حمام الدماء إذا رحل الرئيس صالح عن الحكم، أو ستتنازعه الصراعات القبلية أو القاعدة، فهذه تبريرات غير موضوعية من أجل البقاء.
ولو على حساب انحدار البلاد نحو دوامة الحرب الأهلية، فيما باتت مبادرة الحل الخليجي الفرصة الأخيرة له قبل اللجوء إلى القرارات الأممية التي ستجبره على الركوع دون حفظ ماء الوجه. وربما يكون الأمر الوحيد الذي قد يرغب النظام في تجنبه هو خروج مخز من السلطة تحت ضغط دولي.
شبح الحرب الأهلية الطاحنة والظروف الاقتصادية والاجتماعية المتردية تفرض على اليمنيين جميعاً، موالين ومعارضين، ضرورة الاتجاه وبأسرع وقت ممكن إلى التوقيع على اتفاقية الالتقاء في نقطة المنتصف، وتشكيل حكومة تكنوقراط، وإعادة وحدات الجيش وأجهزة الأمن إلى ثكناتها ومقارها.
والتحضير لإجراء انتخابات الرئاسة ومجلس النواب وفق جدول زمني محدد، فإن اليمن بحاجة ماسة إلى خطة إعادة إعمار، لن يتمكن من تنفيذها وتمويلها إلا مجلس التعاون الخليجي، لأنه يمتلك الدعم الدولي الواسع وكل الإمكانات المالية اللازمة لإخراج هذه المنطقة من خندق الحرب الأهلية.
البيان الإماراتية