التفاؤل والتشاؤم صفتان لا تلتقيان أبداً، فالتفاؤل يعني سيطـرة مشاعر الأمل الباسم على نفسية الفرد.. ما يجعله يرنو إلى حب الحياة ويحلم بتحقيق ما يصبو إليه في دروبها المستقبلية، أما التشاؤم فهو حالة من القنوط واليأس والخوف من المستقبل ومما يخبئه القدر، يجعل الفرد دائم النظر إلى المستقبل بسوداوية وانسداد أفق الحياة أمامه.
هذا مختصر مقتضب لصفتي التفاؤل والتشاؤم، في واقعنا يكثر التشاؤم وتتسع مساحة المتشائمين لتشمل غالبية اليمانيين بسبب حالة الواقع المليء بالأزمات والمشكلات التي تتوالى على هذا البلد الطيب بقول رب العزة "بلدة طيبة ورب غفور"، وكأن قدر اليمانيين العيش الدائم في بحر الأزمات ومحيط المشكلات.
لكن في خضم هذا المحيط البشري المتشائم يوجد أناس متفائلون، لا يلتفتون إلى كل هذه المشاكل والمعاناة على المستوى الوطني ويرمونها وراء ظهورهم.. إنهم ينظرون إلى ما وراء الأحداث والمعطيات والتي تدفع إلى التشاؤم، ولا يشغلون أنفسهم بواقع الحال اليمني المأزوم دائماً، ولكن ينظرون إلى المستقبل فقط ولهم فلسفتهم الخاصة في هذا السياق.
ومن هؤلاء الحاج/ محمــد العقربي – رجل في العقد الخمسين من عمره ويعمل مساعداً لرئيس لجنة حوض دلتا أبين- تجده متفائلاً، باسماً في كل الأحوال، لا يتلفت إلى ما يجري في الوطن من أحداث مؤلمة وتداعيات خطيرة قد تدفع إلى حرب أهلية – لا سمح الله- ليس لأنه لا يعي ما حوله، ولكن مؤمن بأن قدر الله ماضٍ لا محالة، ولا داعي للهلع كما يقول وإذا سألته عن إعراضه عن الخوض فيما يحدث في البلد، يرد عليك بلا تكلف قائلاً: أنا رجل مؤمن بقضاء الله وقدره وأنه ليس للإنسان مقدرة على تغيير قدر الله، فما أراده الله سيحدث لا محالة ولا داعي للانشغال به، ويختم حديثه معك بضحكة مجلجلة، إيذاناً بعدم الاكتراث بكل هذه الحوادث والأحداث.
الشيخ/ صالح حليس – خطيب مسجد الرضا بمدينة المنصورة بعدن- يختلف اختلافاً بسيطاً مع فلسفة العقربي في الحياة، إلا أنه لا يبعد عنه كثيراً من زاوية التفاؤل، والرجاء فيما عند الله لإصلاح حال البلاد والعباد.. كل خطبة بلا استثناء تحمل في طياتها خيط الأمل الباسم والتبشير بقرب انجلاء الغمة وانفراج الأزمة.. يدعو الناس إلى التفاؤل والتفكير في المستقبل، بدلاً عن التضجر والتشاؤم، مفسراً ذلك بأن الشر لا يدوم، لأن دوام الحال من المحال ولذلك لا ينبغي للإنسان أن يعيش أسير المشكلات والصعوبات وإلا فإنه لن يصنع شيئاً.
ختــاماً: إنهما رجلان من أبناء محافظة عدن، متفائلان في زمن التشاؤم.