خلال الأسبوع الماضي وصل نائب وزير الإعلام اليمني عبده الجندي ذروة التراجيكوميديا حين قال في حواره مع هذه الصحيفة إن ما يجري في الساحات العربية ليس ثورات لأن عهد الثورات انتهى وولى. وكنا قبل ذلك قد نصحنا الرئيس علي صالح وغيره ألا ينساقوا خلف الهذيان الذي يمارسه الناطقون الرسميون؛ لأنهم موظفون لا أكثر، بينما الرؤساء مسؤولون عن أوطان وشعوب، لكن للأسف الشديد لا أحد يسمع أو يتعظ..
في خطابه الأخير تساءل الرئيس صالح: «كم أولاد الرئيس، كم عائلة الرئيس، كم إخوان الرئيس، كم أحفاد الرئيس، كم هم في السلطة و 22 مليون يمني فين رايحين؟ هذا عبارة عن خداع، يعني يخدعون الناس ولا يعرفون أن الناس تطوروا وتعلموا وعارفين أهدافهم».. العبارة الأخيرة في كلام الرئيس ربما تكون الإجابة الوافية الدقيقة على كل تساؤلاته وعلى ثرثرة عبده الجندي، إذ طالما يعرف أن الناس «تطورا وتعلموا وعارفين أهدافهم»، فإن تعليمهم وتطورهم جعلهم يرفضون الواقع السياسي الذي عاشوه طويلا وأدى إلى خراب اليمن اقتصادياً وأمنياً، وطالما أنهم تعلموا وتطوروا فإنه ليس لائقاً التعامل معهم كشعب ساذج تنطلي عليه الحيل والألاعيب والوعود الوهمية. استغباء الشعوب المتعلمة من أهم أسباب دفعهم للثأر لعقولهم التي تمارس الأنظمة الاستخفاف بها، فتبدأ الثورات ضدها. وإذا كان عبده الجندي يقول إن زمن الثورات ولى فلا ندري ما هو المصطلح الذي يمكن أن يطلقه على ما يجري في ساحات اليمن؟؟..
أما السؤال الاستنكاري للرئيس صالح عن عدد أولاده وإخوانه وأحفاده وعائلته مقابل 22 مليون يمني، فلا شك أن عددهم قليل لكن العبرة ليست بالعدد وإنما بالسلطة التي يملكها. العالم كله يعرف يا فخامة الرئيس أن الأولاد والأخوان وأولاد الإخوان هم من يمسكون السلطة المطلقة ويديرون الدولة ويتصرفون في مقدرات اليمن، هذا ليس سراً ولا اتهاماً جائراً، وكان الأفضل ألا تثير هذا الموضوع؛ لأنه من بين الأسباب الأكثر استفزازاً للشعب.. والأغرب من كل ما سبق أن الرئيس صالح يقول إنه كان عاقد النية على ترك السلطة عام 2006، لكن لم يصدق أحد في الداخل والخارج أن رئيساً عربياً يعزف عن السلطة.. حسناً يا فخامة الرئيس، هل منعك أحد من تنفيذ نيتك آنذاك وتحويلها إلى قرار؟؟ حد حاشك؟؟.. دعنا مما فات يا فخامة الرئيس، ولتنفذ قرارك اليوم/ لا سيما وأنت تسأل: «22 مليون يمني فين رايحين» بالتأكيد «رايحين في داهية» إذا استمر إصرارك على تعقيد الوضع..
نقلاً عن عكاظ السعودية