مثل شعبي "أبيني" يطلق على كل من يتأفف من الشيء وهو واقع فيه، هذا يناسب حال الذين يحاربون الفساد قولاً ويمارسونه عملاً.. وفي واقعنا اليوم وجدت مثل هذه الأصناف وظهرت على السطح بعد أن كانت غير بارزة.. إنهم أصناف من البشر ابتلانا الله بهم في هذا الزمن المأزوم.. تجدهم يتجاوزون ـ في أطروحاتهم الفكرية ـ أكثر أطروحات المعارضة تشدداً حتى يلتفت إليهم رموز السلطة وعندها تجدهم يهتبلون الفرص حين تواتيهم ويخوضون في بحر الفساد بأكثر طرق النصب وأساليب الاحتيال التي يقنعون بها السلطة للاستئثار بما استطاعوا من المال العام تحت مبررات إيهام السلطة بأنهم واجهات اجتماعية لا أحد يستطيع تجاوزها، فتصرف لهم الملايين من أموال الشعب ولا يصنعون شيئاً.
هؤلاء المتلونون يجيدون من العزف على كل الأوتار.. فهم وحدويون مع المعارضة وانفصاليون مع الحراك وشرعيون مع السلطة وليس لهم مبدأ ثابت ولكن لهم مصالح ثابتة، فقد فضحهم الناس وظهرت سلوكياتهم غير السوية وعرفوهم الناس على حقيقتهم، لكنهم يمتلكون قدرة عجيبة على ابتلاع المواقف "البائخة" وعبارات الذم والسخط التي تنهال عليهم حين يفتضح أمرهم بوقوفهم في صف الفاسدين، كل هذا ليس بمستغرب لأن هؤلاء الأصناف من البشر رضوا بأن يكونوا مجرد أدوات للفاسدين ومعاول هدم للقيم والمبادئ الفاضلة..
لكن المستغرب حقاً أن نجدهم يحاولون أن يتقدموا الصفوف في مجالات الوعظ والإرشاد ودعوة الناس للتمسك بالإسلام والالتزام بطاعة ولي الأمر وأن كان قد فقد ستة من شروط الولاية الثمانية التي حددها علماء السلف وحكم بغير ما أنزل الله واستحل الربا ووالى أعداء الإسلام وقتل الأبرياء، كل هذا لا يهم عندهم لأنهم أصلاً "مرجئة العصر" وعمائم السلطان يبيعون دينهم بعرض من الدنيا قليل.
منصور بلعيدي
أُف وزلقومي فيه ... 2015