منصور بلعيدي
"إنما نشكو بثنا وحزننا إلى الله القاهر فوق عباده وهو على كل شيء قدير، لأن الشكوى لغير الله مذلة"، خيبة أمل كبيرة وحزن عميق خيم علينا نحن النازحون من أبناء أبين حين علمنا باستهداف الطيران الحربي لجنود اللواء "201" مغاوير في مجمع خولة للبنات بمدينة زنجبار الأحد الفائت، والذي راح ضحيته عشرات الجنود بين قتيل وجريح، ذلك لأنهم تجاوزوا الخطوط الحمراء، والمؤلم أكثر أن العناصر المسلحة أجهزت على المصابين وكأنهم يتوقعون الضربة!.
بالضبط كما فعلوا بقبائل آل فضــل في وادي حسان الشهر الفائت حين حققت تقدماً ملحوظاً ضد المسلحين، استهدفهم الطيران الحربي، فحصد خيرة صناديدهم وقياداتهم القبلية.. المشهد نفسه يتكرر بوضوح لا يقبل التأويل.
نعم لقد نكأت الحادثة جراحنا وآلمتنا تصرفات هذا النظام الإجرامية.. لقد قتلوا الأمل الباسم في قلوبنا، تماماً كما قتلوا الجنود والقبائل، حين تنفسنا الصعداء لسماع خبر دخول القوات إلى قلب مدينة زنجبار وبدء تحرير أحياءها تباعاً.. انتعش الأمل في قلوبنا، وتبادلنا التهاني مباشرة أو بالهواتف، عشنا ليلة حالمة حتى الصباح، باتت صورة المدينة ماثلة أمامنا.. نرى منازلنا، حاراتنا، أسواق المدينة، مرافقها، شوارعها، بكل حيويتها ونشاطها الدائم.. ننظر إليها أمامنا في مشهد سماوات الخيال السابح في فضاءات الأمل الذي أصبح قاب قوسين أو أدنى منا.. عشنا ليلة غير عادية بكل معنى الكلمة، لكن.. وآه من لكن.. تبدد الحلم وتبخرت الآمال أمام الصدمة المروعة لخبر الفاجعة.. قصف الطيران الحربي لحاملي رايات النصر في ساحات الوغى "عنوة" دون رحمة للدماء الزكية والأرواح الطاهـرة.. ولا اعتبار لما حققوه من تقدم مذهل ضد المسلحين.
كان الجنود مثلنا يجهلون ما يدور في كواليس التآمر، فصاروا ضحية لتلك الصفقات القذرة، وهم يظنون أنهم يخدمون الوطن، لكنهم شهداء في العزة والكرامة، رغم أنف ا لمتآمرين والحاقدين وتجار النخاسة، الذين يريدون تحويل حماة الوطن إلى مجرد أحجار على لعبة الشطرنج.
لكن النصر آتٍ لا محالة.. نراه في تباشير الفجــر القادم من الشرق، ليبدد دلجة ليل الظلم والجبروت السلطوي "الذي لا يرعوي".
* مرفــــأ قلمْ:
إلى الله نشكــو دماء تسيل
ومن أزهقوا روح كل قتيـل
ونبرأ ممن لحرب ضروس
يريدون أن يشعلوا نار الفتيـل
ولكننا رغم هذا العناء
نخوض بصبر نضالاً طويـــل
ومن مات منا ينال الشهادة
وموت الشهيد حياة لجيـل
وشعب يتوق إلى الحرية
محالاً سيرضى سواها بديـل
ولابد أن يرحل الطاغيـة
إذا الشعب أصدر قرار الرحيل
منصور بلعيدي
نشكو لمن؟! 2154