إلى أصحاب الفضيلة العلماء في جمعية علماء اليمن، إنكم مدعوون اليوم للوقوف أمام الظلم، وأمام الظالم، وإلى جانب الحق الذي أحقه الله، فأنتم ورثة الأنبياء، وخلفاء الله في الأرض، وأنتم الموصوفون من عند الله بالخشية منه قال تعالي " إنما يخشى الله من عباده العلماء " وأنتم نور الله في الأرض، فلا تكونوا كالكهنة بيد الحكام، لأنه بكم تكون الحجة وعليكم تتجه أنظار الناس فقولوا الحق ولو على أنفسكم وتذكروا أن أعظم الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر.
يا علماءنا الأجلاء الأفاضل أنتم أمام موقف تاريخي، فلماذا ركنتم إلى الذين ظلموا؟ وذهبتم تحرمون حق التظاهر وحق الاعتصام، وحق التعبير التي كفلها الدستور والقانون، وكفلتها الشرائع السماوية؟ فهل بمقدوركم إلزام النظام برفع الاعتصام من ميدان التحرير وسط العاصمة صنعاء، ومنع التظاهر بميدان السبعين؟ وهل النظام فعلا سيحترم هذه الفتوى وسيعمل على تطبيقها؟ أم أن الأمر مجرد استهلاك سياسي، واستخدامكم كورقة من أوراق اللعبة، وكرت من الكروت التي اعتاد النظام اللعب بها لتحقيق أهدافه ومآربه؟
كان اليمنيون يأملون فيكم أن توضحوا موقف شرع الله من نهب ثروات الأمة، وممارسة سياسة الإفقار في حق أفراد هذه الأمة وأنتم من علمتم الناس أن الفقر هو الكفر، وتعلم الكثير على أيديكم أن من أقوال الإمام على ـ رضي الله عنه وكرم الله وجهه ـ " لو كان الفقر رجلاً لقتلته" بحيث كان الأجدر بكم أن توضحوا للأمة حكم شرع الله فيمن يهدر أموال الأمة وثرواتها ويبيعها للأجانب (( الكفرة والصليبين)) بنظر الكثير منكم بأبخس الأثمان، وجعل رعيته يعيشون فقراً مدقعاً وذلاً مخزياً.
يا أصحاب الحجة والبرهان، كان الأجدر بكم أن تناقشوا في مؤتمركم العلمي حكم الله في الحاكم الذي يعاقب شعبه بقوتهم وبالخدمات الضرورية اللازمة لحياة الناس من أجل أن يضل حاكماً عليهم بالقوة، وتبينوا ما هي الشروط الشرعية التي يجب أن تتوفر في الحاكم؟ وهل شرط إجماع الأمة على الحاكم واجبة وملزمة أم لا؟ وما هي الشروط الشرعية التي يجب أن تتوفر في الحاكم؟ ولما ذا يا علماء الأمة لم تتطرقوا إلى حكم الشرع فيمن يقلق السكينة العامة ويقصف الأحياء السكنية في تعز، وصنعاء، وأرحب، ونهم بقذائف الدبابات ومدافع الهاون والطيران الحربي وتقولون للناس حسناً، وتوضحوا المتفق، والمختلف، والمشكل، والمبهم ليكون الناس على بينة من أمرهم لأنكم المسؤولون أمام الله في توضيح الحق للأمة.
كان الناس يثقون بالكثير من علماء "جمعية علماء اليمن" ويثقون أنهم لن يركنوا إلى الذين ظلموا، ولن يكونوا من أولئك الذين اختزلوا الأمة في صورة الحاكم، وذهبوا يضلون الناس بفتاوى ما قبل بها حتى الأميين عندما أفتوا بأن 25 مليون يمني هم علي عبد الله صالح، وأنتم نحيتم منحاهم فأين فقه الأولويات؟ وأين فقه مصالح الأمة من الكليات الخمس التي عطلها الحاكم وحفظها لنفسه وغيبها عن الأمة، كان الكثير يأملون أن تثيروا هذه القضايا، وتبينوا حكم شرع الله فيها، ومع ذلك ما زال الكثير من اليمنيين يثقون أنكم لن تكونوا من أولئك وأنكم ستقفون في وجوههم ولن تقبلوا على بهذا على الإطلاق فنسأل الله أن تكونوا محل ثقتنا بكم.
إلى رجل الأعمال عبد الجبار هائل سعيد أنعم
أنتم أصحاب مبادرة التهدئة التي سعيتم لإبرامها في شهر رمضان المبارك من أجل إعادة الطمأنينة، والسكينة العامة، والهدوء لأبناء محافظة تعز المحرومة من كل شيء، ووثق بكم الناس، وسلم المسلحون الموالون للثورة أغلب المواقع التي كانوا يحرسونها بعد انسحاب قوات الأمن منها، أو التي كانت تحت أيديهم أملاً في عودة الهدوء، والطمأنينة، والسكينة العامة للمدينة، وأملاً في أن يكون لكم موقف في حال لم يتم ذلك.
لكن ومنذ شهر رمضان لم تنسحب الوحدات العسكرية من المواقع التي سيطرت عليها ووعدتم بانسحابها منها بل سيطرت على المواقع التي سلمت لكم ولقوات الأمن وترستها بالدبابات والأسلحة الثقيلة، وكذلك لم يعد الهدوء، والطمأنينة إلى الناس، ولم تعد السكينة العامة بل ارتفعت وتيرة القصف المدفعي الليلي على الأحياء والمنازل، ودمرت بيوت واستشهد أناس أبرياء لا ذنب لهم إلا أنهم صدقوا ما قيل لهم عن وساطة الشيخ/ عبد الجبار هائل سعيد؟ ولم يأخذوا احترازهم فوقع ما كان يخشونه، ولعلك تسمع ما يحدث كل ليلة إن كنت عائشاً بين أبناء مدينك.
فالناس اليوم تولدت لديهم قناعات راسخة بأن تلك الوساطة لم تكن همها طمأنينتهم وهدوئهم بقدر ما كان همها المصالح التجارية وخاصة في ظل الشهر الكريم ولذلك فأنتم اليوم مطالبون بموقف واضح وحازم من أعمال القصف التي تتعرض لها أحياء المدينة ليلاً ونهاراً لأن دماء الناس أغلى من مئات المليارات التي قد يهددونكم بها فالتاريخ لا يرحم أحد.
محمد الحذيفي
العلماء الأفاضل.. لماذا ركنتم إلى الذين ظلموا؟ 2337