غباء صالح ينجح الثورة في اليمن, ويزيد من إصرار الشباب على مواصلة الكفاح, فثمة غباء سياسي ينطلق من عدم قراءة الواقع السياسي الحقيقي , وعدم تقدير الأمور بشكل جيد, والنظر في أبعادها, والاكتفاء بتقارير المحيطين به، الذين لا يتناولون ما يدور على الأرض بمصداقية تامة.
عدم الاتعاظ بسقوط ثلاثة من أعتى الطغاة في المنطقة العربية استمر حكمهم لعشرات السنوات سيؤدي بصالح في نهاية المطاف إلى نفس المصير الذي لاقاه " بن علي " و" معمر " و" حسني".
غباء " صالح " المنبثق عن خيلاء السلطة وسيمفونية نفاق بطانة السوء تدفعه للبقاء, وتوحي له بأن الأرض قد تظلم إذا غادرها, وان الشمس ستكسف إذا اعتزل كرسي الرئاسة ومنصة السبعين, ومثل تلك مصفوفة طويلة من عبارات البطانة المقيتة تدفعه لسيناريو البطش باليمنيين الذين ارتوت بدمائهم صنعاء وتعز وأرحب ونهم وغيرها من ميادين الحرية والنضال, وستوصل الثورة في نهاية المطاف إلى النجاح المحقق, فالدماء لا تغرق سوى أصحابها, والأرض لا تلعن سوى من يدمر بنيانها, ويسرق خيراتها.
غباء " صالح " لازال يترجم في عبارات رنانة توحي لسامعها بأن الرجل لازال محل إجماع, وأنه الملاك المنقذ من الجحيم, ودفعه غباءه لأن يتلفظ بألفاظ تناقض أفعاله على الأرض، فغصن الزيتون وحمامة السلام هما في الأصل قذيفة قتل ورصاصة قنص.
خطاب " صالح " كشف كم هي الفجوة بينه وبين شعبه, كم هو متعطش للدماء متشبث بالحكم, وأعلن أن تنظيم القاعدة تلقى المعلومات والدعم العسكري من قبل الخارجين على النظام والقانون, بينما العالم كله سمع وتابع وشاهد من هم الأبطال الذين حرروا زنجبار, ومن هم الجبناء الذين ولوا الأدبار وتركوا أبين لـ" قاعدة صالح" تفعل فيها ما تشاء.
هناك شيء لا يراه الطغاة عادة, ففي كل الانتفاضات والثورات العربية الراهنة سقط حاجز الخوف من آلة القمع السلطوية, ولن يعود بإمكان أحد الرهان عليها, مما يعني أن قوات صالح العائلية التي كان يعول عليها في بقاءه في الحكم قد سقطت هيبتها وكسرت شوكتها في أكثر من مكان, وأن نظام الخوف لم يعد يخيف أحداً, إضافة إلى أن تأخير الطغاة عن إفساح المجال لغيرهم يأكل ماتبقى من أرصدتهم لدى الشعوب.
ما يجب أن يدركه " صالح " بأن تشدقه بصناعة الوحدة وبناية المنجزات لم يعد سوى هذيان لايكسب به تعاطف الشعب , وعليه أن يستفيد من تجربة من سبقوه, فلا الشعب المصري أبقى على مبارك لأنه قائد الضربة الجوية في حرب أكتوبر 1973م, ولا الشعب التونسي أبقى على "بن علي" لأنه خلصهم من رق وعبودية " بورقيبة "، ولا الشعب الليبي تعاطف مع "القذافي" لأنه قائد ثورة الفاتح في سبتمبر, الذي حول ليبيا من الملكية إلى الجمهورية, وكذلك الشعب اليمني لن يبقى على "صالح" لأنه خرج لمطلب سامٍ وهدف نبيل, ولن يعود إلا بتحقيق واحدة من اثنتين إما النصر للثورة وهذا هو ماستصل إليه الأمور عاجلاً أو آجلاً, أو الشهادة التي هي شرف الانتماء للأرض والوطن.
عارف العمري
غباءه سيقوده إلى مصير أسلافه 2013