ما أقوى تسليح الحرس الجمهوري، يا له من جيش متفوق، لقد رأيتهم يقصفون عمارة سكنية في شارع الزبيري وأحسست بالرعب، إنه بالفعل جيش قوي جداً، ومرعب، حتى إن العمارة السكنية كادت أن تسقط، لكنها لم تفعل، بما يعني أن الحرس الجمهوري الشرس بحاجة إلى صفقة أسلحة جديدة من روسيا الزرقاء لإتمام المهمة، المؤكد أن هذه العمارة السكينة ستسقط غصباً عنها، فقد أرسل الحرس الجمهوري ترسانته من صواريخ سكود إلى ذمار، هل ستصمد العمارة أمام صواريخ سكود؟ إنه الحرس الجمهوري قاهر العمارات والوزارات، فقد أطلق مئات الصواريخ على وزارتي الداخلية والصحة، إنه قوي، ومتوحش، ووطني جداً، حرر مبنى وزارة الداخلية في الحصبة هكذا: قتل البشر، ودمر المبنى، وأحرق ما حوله، ثم قال: لقد حررنا الوزارة، يا للقوة، ويا للتحرير، لقد فعل أمراً جمهورياً: حول وزارة الداخلية من مبنى وزارة إلى خنادق شبّيحة وقتلة، كم هو جمهوري هذا الحرس الجمهوري، إنه بالفعل جمهوري، لكن لا أحد يعرف الشيء الكثير عن تلك الجمهورية التي هو يحرسها.
يقوده الكابتن أحمد صالح، لا ندري تيمناً بمن أطلق صالح على ابنه اسم: أحمد، مؤخراً قال قائد الحرس «أنا عربي أصيل، من حقي أن أحكم»، لقد انسجم مع أغنية محمود درويش: أنا أحمد العربي، فليأتِ الحصار، جسدي هو الأسوار، فليأت الحصار.. ماذا يريد أحمد العربي بن ذي يزن الحميري؟ إنه يقود الحرس الجمهوري، أو «هاوا يقيد الحرس» إذا استخدمنا النص الحرفي لتصريح عبدربه منصور.
الحرس الجمهوري هو الأقوى والأكثر جرأة، فقد رأيته يسيطر كلّياً على شارع السبعين في دولة من نصف مليون كيلو متر مربع، إنه قوي، عريض المنكعين، شلولح، كان صالح يتفاوض حول محاربة القاعدة، في ويكيليكس: صالح يطالب بتسليح الحرس الجمهوري بمقابل اشتراكه في مواجهة تنظيم القاعدة، ولا يوجد من الحرس الجمهوري حبّة عسكري على الحدود، ولا في مواجهة تنظيم القاعدة، ما الذي يفعله الحرس القوي الشجاع الباسل الإشواس في مراكز المدن؟ لا أحد يعرف، إرشيف الصحف اليمنية مليء بعناوين على هذه الشاكلة: اعتداء قائد / ضابط كبير في الحرس الجمهوري على أرضية تابعة لسين في مدينة صاد... إلخ.
إنه جيش قوي جدّاً، لدرجة أن ضباطه الكبار بمقدورهم أن يستولوا على أي أرضية في الحديدة أو لحج بمنتهى السهولة، ألم أقل إنه الأقوى تسليحاً وشكيمة؟ عقيدته العسكرية أعجوبة، فلا يوجد في مدونته العسكرية النص على «عدو»، بدلاً عن ذلك يسمع الجنود أغنية «أنا أحمد العربي». ولأن الحرس بلا عدو، فإن العدو هو كل الناس، إنه قوي وجبار، فهو يواجه كل الناس، ولا يواجه أحداً، يتميّز بزيه الرائع الذي يظهر به في الاستعراضات العسكرية، إنه يبدو مخيفاً، متجهماً، مفترساً، كأنه جيش حنّا بعل وهو يصعد راجلاً جبال الألب ويسوق الفيلة في المنحدرات المذهلة، ينطلق الحرس في ميدان السبعين، حيث أدمن الاستعراض حتى الساعة، والتلفزيون يردد: قواتنا البواسل.
وأهم من التعليق التلفزيوني الباهت، فقد أرخ أمل دنقل للحرس الجمهوري العظيم:
قلت لكم مراراً
إن الطوابير التي تمر
في استعراض عيد الفطر والجلاء
- فتهتف النساء في النوافذ انبهاراً -
لا تصنع انتصاراً
إن المدافع التي تصطفّ في الحدود،
في الصحارى
لا تطلق النيران إلا حين تستدير للوراء
إن الرصاصة التي ندفع فيها ثمن الكسرة والدواء
لا تقتل الأعداء
لكنها تقتلنا إذا رفعنا صوتنا جهاراً
تقتلنا، وتقتل الصغارا
إنه الحرس الجمهوري الأقوى، لا حدود لقوته، حتى إن بياناً رسمياً صدر قبل أسبوعين طالب «القبائل» بحماية الحرس الجمهوري، أرجوكم لا تفهموا من هكذا بيان أن الحرس الجمهوري غير قادر على حماية نفسه، إنه يقدر، بالطبع، لقد رأينا منذ أيام قليلة جثثاً لشبان بائسين من أرحب، قتلهم الحرس الجمهوري، إنه قوي، صنديد، يقتل، لقد كان يدافع عن نفسه، هل تعتقدون إنه لا يقدر؟.
إنه قوي، لا يغلبه أحد ولن يغلبه.
فهو لا يخوض معركة لحراسة الجمهورية اليمنية، بل لاستعادة جمهورية كنتاكي.
إنه أقوى الجيوش، أسرع من الريح وأعتى من الفيضان، قال صالح: أنا ذو يزن الحميري، والدم سيسيل إلى الركب، قال ذلك عندما كان الجيش كله تحت إمرته، ولم يكن في مواجهته سوى طلبة الجامعة في صنعاء وتعز وعدن، أطلق عليهم النار، إنه الحميري ذو القلب الجريء، يملك الحرس الجمهوري، وهذا الحرس أطلق النار على رأس طفل في شهره العاشر وبازوكة على رأس طالب في الجامعة، وصاروخ كاتيوشيا على شقة سكنية، وقذيفة مدمّرة على سيارة إسعاف وهاون على مستوصف وآر بي جي على خيمة معتصمين، إنه الحرس الجمهوري القوي، الشرس، المفترس، العنيف، العظيم، هل تعتقدون إنه ضعيف ولا يقدر؟ لقد أعد جيداً لحراسة الجمهورية، وهؤلاء هم أعداؤها، ها هي الجمهورية تنعم بالسلام كما في بيان أخير لوزارة الداخلية: أيها المواطنون، إن كافة الأحياء السكينة في حدة آمنة، أرأيتم؟ إن الجمهورية برمّتها آمنة، أيها المواطنون.
صحيح إن الحرس الجمهوري يهرب، لكنه عندما يهرب يكون مرتدياً أزياء شعبية: جنابي، وزنان مشقدفة، وبوازيك، وأحياناً يفر في بزات قوات النجدة، يقول الحرس:
لن تهزموا بدلتي.
علموه في صغره: لن تهزموا بلدتي.
لكنه عندما كبر جعلها:
أنا الحرس الجمهوري، لن تهزموا بدلتي.
وهكذا يفر متنكراً عندما ينهزم، وهو غالباً لا ينتصر، هل سمعتم عن شرف الهزيمة متنكراً؟ هل سمعتم عن الشاتيلوني؟ إنه يحرس المعبد ويشعر بالرضا، لأنه في معية الإله، لكن لا مانع من سحق عظام الإنسان ونبش قبوره.
حين يفر الحرس يكون اسمه النجدة، وعندما يسيطر على شارع صغير يستعيد اسمه الحقيقي: أنا الحرس، جئتُ، على طريقة بهاء طاهر في "أنا الملك، جئتُ!".
شرفه في البدلة العسكرية، لذلك فهو لا يهينها، لن تسقط كرامة بدلتي، يتحدث الأب: ابني في الحرس الجمهوري، يكفي ذلك لكي ينشر الرعب في القرية، ابنه في الحرس، لكن أهل القرية لا يعرفون ما الذي يفعله هذا الحرس المخيف، لم يروا ذلك المشهد المذهل لشاب حوثي وهو يسوق عشرات الأسرى من الحرس الجمهوري في الجبال، يكومهم في منعطف، ثم يخطب بهم: الأعداء في باب المندب وليسو في صعدة، كان الذهول بادياً على وجوههم، فلقد سمعوا مثل هذه العبارات لأول مرة، إنهم غالباً ما يسمعون كلاماً بلا معاني، لذلك فهم لا يفعلون في معسكرات الحرس سوى انتظار راتب آخر الشهر، يصمت الشاب الحوثي قليلاً ثم يتابع: صدقوني لا أشعر بالفخر لأني أراكم في هذا الوضع، ربما كان صادقاً ولم يخالجه الفخر، لكن الكارثي هو أن القائد العظيم أحمد العربي الحميري لم يشعر بالعار.
إن حدّة آمنة، يحرسها البواسل، قالت الداخلية، وقديماً قالوا عن الشهداء: ليسو شهداء، هؤلاء من أرحب.. أرحب، التي شدت ظهر ابن أبي طالب يوماً ما، ليست من الجمهورية اليمنية التي لها حرس، إنها من صنعاء، وصنعاء، مثل اليمن، تقع خارج حدود الجمهورية اليمنية: حدّة الآمنة، وعاصمتها السبعين، ولكن آمنة هذه غير آمنة التي ينتظرها صالح لكي يسلمها أموراً غير آمنة وغير مفهومة!.
نسيت وزارة الداخلية أن تخاطب اليمنيين في أبين: اطمئنوا، أبين آمنة، يحرسها الأبطال الأسطوريون، الحرس الجمهوري. أبين ليست من الجمهورية اليمنية التي لها حرس، إنها من اليمن. إنه أمر يقع خارج الحدود. وهكذا لم يتوقف أحمد العربي الحميري عن التهديد والوعيد والقتال الشديد عندما اقتحمت حدود دولته الجمهورية اليمنية من قبل الجياع والفقراء: من الشمال، حيث تحدها كنتاكي، ومن الشرق حيثُ يحدها مطعم أمواج الجزيرة، ومن الغرب حيث يحدها مطعم البيت الراقي، ومن الجنوب حيث يحدها مطعم الطازج، إنها جمهورية آمنة تحدها أربعة مطاعم من جهاتها الأربع، وحول كل مطعم ثلاثة ألوية عسكرية تحرس الجمهورية، يا للقوة، والتفرّد.
لقد رأينا الحرس الجمهوري يستخدم المدافع والصواريخ في مهاجمة أعلى مبنى سكني في شارع الزبيري، تحته ينام الأعداء اليمنيّون، لن تقتحموا دولتي، يقول أحمد العربي، لن تجتاوزا حدود مطاعم بلدتي، أيها الأعداء القادمون من اليمن، نحن الجمهورية اليمنية، ارحلوا تحت النار، أما أنتم يا طلبة جامعة صنعاء فسوف تركعون للبارود، هل تظنون الحرس الجمهوري فريق التلال؟ إنهم أقوياء، ومدربون تدريباً عالياً حتى إن معظم الصواريخ أصابت العمارة تماماً، ولم يخطئ العمارة ويصيب مبان مجاورة سوف ثلثي العدد من الصواريخ فقط، أفي الحرس شك؟.
أين أنت يا جنرال عفّاش؟ توجد مبان عالية أخرى، سكنية، هاجمها بمدافعك وطائراتك، إنها مبان بغيضة، تريد أن تقلق سكينة الجمهورية، هيّا، صوب عليها ثلث الصواريخ، ولا بأس أن تتساقط البقية في أرض الأعداء، لن يقدر عليك أحد، فالشعب اليمني قرر أن لا يرد على جيش الجمهورية اليمنية بالمثل، حتى حين.
هيا، استخدم الحرس الجمهوري الفخم الشجاع الإشواس.
إنه جيش الغولة التي أكلت أبناءها.
ابتلعي أبناء بلدتي، أيتها الغولة، سيخرج قتلاك من عينيك، ويحاصرك ضحاياك حتى آخر حدود أوهامِك، هل رأيت الطفل ذا العشرة الأشهر مغمض العينين؟ ستحاصرك عيناه، ستشعل لهب يونانياً في أعماقك، ومثل عيني ميدوزا: ستحيلان حرسك إلى "حجارةٍ أو حديد!"
thoyazan@yahoo.com
مروان الغفوري
في مديح الحرس الجمهوري 3482