إلى وقت قريب كنتُ غالباً ما ألقي اللوم على عامل النظافة وأتهمه بالتقصير في عمله جراء المناظر المُقززة والمسيئة لصورة البلد والتي كنت أشاهدها على أطراف وأوساط الشوارع فأرى القمامة هنا وهناك, إلى أن رأيت بأم عيني رجلاً بيده طفلهِ الذي لم يتجاوز الثامنة وهو يرمي نفايات أكله إلى أرض الشارع وآخر يرمي بمخلفات القات إلى أرضية مكان عام، فهل أصبحنا نُهمل منظرنا لهذه الدرجة وهل مازلنا نغرس في أبنائنا قاعدة (أن يفعلوا كما نفعل نحن )؟؟ وهل انعدمت براميل القمامة في الشارع والأماكن العامة حتى نرميها أرضاً؟
شعرتُ بعدها بخيبة أمل وإحباط، فشبابنا برغم تعليمهم وثقافتهم إلا أنهم بلا تفكير مع احترامي لكل من يحافظ على نظافة وطنه ...
تكرر الموقف بشكل آخر وبخيبة أكبر فخلال مروري من شارع 26 بتعز وبعد أكثر من شهرين من مروري بنفس المكان مازالت القمامة في محلها تنتصف الشارع بل وازدادت تكوماً ورائحتها تخرق الأنف، بل وما يحز في النفس أن تجد البعض يغطيها بقماش وكأنه يخاف عليها من البرد أو التراب!!
الجميع يمرون من أمامها دون تحرك وكأنها باتت ديكوراً للشارع إن أزيل فقط سينتبه الجميع لذلك !!
هذا الشارع يا أخي جزء من بيتك، فهل تقبل أن يكون بيتك مكدساً بالقمامة ومأوى للحشرات الضارة؟؟ وماذا سيكون موقفك حينما يزورك أحد أصدقائك أو أقربائك ومنزلك متسخ وكيف ستكون ملامحك حينها؟؟
لا شيء سيحفظ ماء وجهك حينما تسمع من آخرين أن فلان تحدث عن بيتك بتعابير لا تقبلها على نفسك وآل بيتك فما بالك حينما تسمع الزائر لبلدك يضم بشفاهه ويسد انفه ويتأزم إذا ما وقعت أشياؤه في شارعك المتسخ ...
لا تلقي بالتقصير على عامل النظافة وحده فهو بالرغم أنه يعتبر شريكاً في الإهمال إلا أنه ليس لك الحق في لومه يوماً إن تقاعس عن واجبه بعدما تجرحت يداه وهو يلم بقايا مخلفاتك ...
الجميع مشتركون في الخطأ والجميع مطالبون بالتحرك والالتفاف حول واجب ديني وصى به النبي عليه أفضل الصلوات والتسليم حين قال (النظافة من الإيمان) ...
نحن بحاجة إلى إشعال فتيل الإحساس بأن الشارع هو جزء من البيت بل وهو الواجهة للمنزل فإذا ما وجدت شارعك نظيفاً فاعلم أن بيتك نظيفاً أيضاً..
ولا تُلقي بالمسؤولية على عامل النظافة فهو ترك الشارع بعذر عدم وصول الاستحقاق فعلّقها على شماعة الثورة وأنت تُكمل الدور وتسعى لتشويه المنظر فلا بد أن تتكالب الجهود من الطرفين حتى ننعم بوطن نظيف وخالٍ من الأمراض وحتى نعكس صورة جميلة لمنازلنا في الخارج ولا داعي لكسر الإرادة بمعول الاتكال، فوطننا بحاجة لبواطننا قبل ظواهرنا.
يبقى أن تتذكر أننا البلد الوحيد الذي شوارعه مزينة بالقمامة، فلتحافظ على نظافة اليمن..