واستشهد سليم قاسم الرزاقي دونما أن يخبرنا بموعد زفافه الجميل , استشهد دون أن يترك لنا قهقهاته العذبة لتزيح عنا كوابيس كآبة أبت إلا أن تخيم في أرواحنا , استشهد صاحب أطيب قلب وأعذب ابتسامة وأصدق كلمة وأجمل حلم , استشهد البطل الذي تواجد في ساحة الحرية منذ يومياتها الأولى وكان مثالاً للنقاء والبراءة والمثابرة والإيثار , فبأي ذنب قتل؟, هل جريمته أنه يحلم بوطن حر كريم لا تدنسه أقدام الفاسدين ولا تعبث به أيادي القتلة؟ هل كل جريمته أنه رفض الخضوع والاستسلام لأوامر الجلادين؟.
سيلم يا صديقي العزيز سنفتقدك كثيراً ونفتقد لمساتك الجميلة ومذاق الطعام الذي كنا نتناوله معاً، سنفتقد مداعبتك التي كانت تحيل مائدتنا البسيطة إلى جنات وارفة , سنفتقد قدراتك في التلاعب بخارطة الطريق والوقت وأنت تلحق بنا فيما مازال بقية الشباب لم يصل بعد.
سليم يا صديقي العزيز: صدقني حينما قلت لك قبل استشهادك بيوم سحقاً لك لم أكن أتنبأ باستشهادك بقدر ما كنت أعبر لك عن حبي , بإمكانك يا صديقي أن تعاود تأمل صفحتي على الفيسبوك لترى "سحقاً للحزن المقيم في أوردتي منذ الثالثة عصراً, سحقاً لقرار التفويض الرئاسي، سحقاً لمن يسخرون من شعبنا العظيم , سحقاً لمن كبلوا الثورة , سحقاً لمن ناصبوا الثوار العداء , سحقاً لمن اتهموا الثوار بالعمالة والمرتزقة والمندسين وهم أكثر ارتزاقاً وعمالة من غيرهم , سحقاً للحالمين بتفتيت اليمن , سحقاً للقطيع الذين لا يستخدمون عقولهم , سحقاً للصامتين , سحقاً للفاسدين"، لقد وضعتك في الترتيب الأخير، لكن الموت كعهدنا به دوماً يأتينا من الخلف دونما أدنى اعتبار لحرمة الحياة, لقد كان عليه أن يتركك يا صديقي لنحتفل باللحظة التاريخية التي يستعيد بها شعبنا حريته وكرامته , كان عليك أن تشاركني الذهاب إلى محل الخياطة لنأخذ البدلة التي تفننت في اختيارها , حقاً يا صديقي فقد وعدتني أن تأتي معي في المرة الآتية، لكن كيف السبيل إليك يا صديقي؟ كيف لي أن ألتقيك وأشاطرك أحلامي وسخطي ورغبتنا المشتركة في مغادرة عالم القطيع وإعمال عقولنا التي ظلت طويلاً خارجة عن الفاعلية والعمل,
سليم يا صديقي الطيب: كيف أخبرك أنني سأفتقدك كثيراً وأحن إليك كثيراً؟ أثق من أنك لن تذهب بعيداً وأننا سنلتقي قريباً في وطن كله جمالاً وكرامة ومواطنة متساوية, أثق من أنك ستتغلب على الموت كما تغلبت على الحياة وسوف تنتصر إرادتنا وثورتنا، رغم أنف القتلة, أثق من أنك ستظل خالداً، تنير لنا طرقاتنا وتغسل أرواحنا من كل ما يعتورها من كلل.
/
فهد العميري
واستشهد صديقي "سليم" الأطيب قلباً والأصدق قولاً والأعذب ابتسامة 2394