بدأت القيادة السياسية في صنعاء، دراسة المبادرة الخليجية التي تهدف إلى إنهاء الأزمة السياسية الراهنة في البلاد، في مؤشر قوي على أن لغة الحوار بدأت تطبع المشهد السياسي بعد أشهر من التعنت، فليس من مصلحة من يتوصل إلى اتفاق ينهي أزمة في بلادهم، أن يعرقلوا تنفيذ ذلك الاتفاق، وهذا ما يجب أن يؤمن به ويلتزم جميع الإخوة اليمنيين.
لم يكن للسياسة الخليجية أن تيأس من المشاركة في الوصول إلى حل للأزمة التي بات يعاني منها اليمن الشقيق وشعبه، ذلك أن مشروع المبادرة لا يرتكز على أسباب سياسية فحسب، بقدر ما يتأسس على قيم إنسانية تستهدف حقن الدماء في اليمن، والعمل على خروجه من أزمته التي باتت تهدد وجوده شعبا كما تهدد وجوده كدولة أو نظام.
المبادرة الخليجية أخذت في الاعتبار أولاً المصلحة الوطنية العليا لليمن، وذلك بالحفاظ على هذا القطر العربي الهام موحداً مستقراً، وأن يتوقف نزيف الدماء، وأن يستبدل الحوار السياسي بدلاً من الرصاص، وعودة تلاحم الوطن بدلاً من شرذمته. كما أنها هي خارطة طريق لحل الأزمة اليمنية، تحمل في طياتها حلاً عملياً يمكن تطبيقه، لوضعها آليات زمنية وشروطاً واضحة تدفع في اتجاه نجاحها.
فهي بمثابة صيغة توافقية ما بين كل الأطراف، وإن كان هدف المبادرة حقن دماء الشعب اليمني، فضلاً عن ترسيخ وحدة وأمن واستقرار اليمن، إلا أنه ما لم توقع عليها الأطراف وتلتزم بتنفيذها، فإن اليمن مرشح وبقوة للدخول في أتون حرب أهلية وربما تقسيمه وتفتيته، لا قدر الله.
وإذا كان بعض الذين لا يعرفون معنى الإصرار الخليجي على الوصول إلى حل يحقن الدماء في اليمن، قد اعتقدوا أن المبادرة الخليجية فشلت بعد أن وصلت إلى مراحلها الأخيرة التي قبلت بها مختلف الأطراف، فإن الإصرار الخليجي على استمرار المحاولة والدخول في حوار مع كافة الأطراف، كفيل بأن يؤكد أن الفشل لا يعرف طريقاً لمن تصدق نواياهم.
اليمن بحاجة اليوم إلى تحكيم العقل، مع ضمان مشاركة كافة أطراف الأزمة اليمنية، في الحفاظ على أمن اليمن وسلامة أبنائه وسيادته على أرضه، بدلاً من تصفية حسابات لا تأتي نتائجها عادة إلا على حساب دماء الأبرياء.
البيان الإماراتية