;
ياسر الزعاترة
ياسر الزعاترة

وقاحة استثنائية 2330

2011-09-05 02:30:55


ينتابك شعور حقيقي بالغثيان وأنت تستمع إلى الرئيس اليمني/ علي عبدالله صالح، تماماً كما يحدث معك حين تستمع للعقيد الليبي/ معمر القذافي وهو يتحدث عن الثورة على حلف الأطلسي واللصوص الذين سيطروا على ليبيا، أو تستمع لنجله المدعو سيف الإسلام وهو يتحدث بذات اللغة أو قريباً منها، لكأنه غيفارا وليس الولد الذي ولد وفي فمه أنبوب من نفط لا ينضب.
نعم، ينتابك ذلك الشعور الطاغي بالغثيان وأنت تستمع للرئيس اليمني وهو يتحدث عن المستقبل وعن الشرعية الدستورية والتداول السلمي للسلطة، والأسوأ عندما يتحدث عن المعارضين بلغة الشتائم والهجاء، فهذا الرجل الذي أخذ يستعيد بعض عافيته بسبب عشرات العمليات الجراحية التي أجريت له بإشراف أمهر الأطباء في المملكة العربية السعودية، هذا الرجل لا يريد الاعتراف بأن الشعب اليمني يرفضه، إذ يكفيه أن يخرج له مائة ألف شخص في صنعاء مقابل الملايين فيها وفي سائر المدن يطالبون برحيله، يكفي ذلك حتى يتحدث باسم الشعب اليمني واصفاً المعارضين بأسوأ النعوت (آخرها أنهم تجار سلاح)، لكأنه وعائلته ينافسون عمر بن عبدالعزيز في الشفافية والنزاهة والزهد.
أي وقاحة تتملك هذا الصنف من البشر، وأي جنون عظمة يسيطر عليهم حتى يعتقدوا أن كل ما فعلوه بالبلاد والعباد طوال عقود ليس كافياً حتى يكرههم الناس، مع أنه كان كافياً لكي تتشكل من حولهم طبقة من المنتفعين والانتهازيين والوصوليين التي ربطت مصيرها بمصيرهم ويمكنها الدفاع عنهم حتى الرمق الأخير، تماماً كما تفعل كتائب القذافي في ليبيا أو الموالون لبشار الأسد من عائلته ونسبة كبيرة من أبناء طائفته، وآخرون من غيرها ممن يجدون مصلحتهم في بقاء النظام؟!.
ولأننا نكتب بشكل متواصل عن حالة الأسد، وكتبنا مراراً عن جنون العقيد وهلوسته (وأنجاله)، فإن العقيد اليمني يستحق الكثير من الكلام، في ذات الوقت الذي يستحق فيه الشعب اليمني أروع التحيات بسبب صبره وإصراره على خلع رئيسه الفاسد واستعادة قراره السياسي، لكن المصالح تحضر هنا بقوة أيضاً، والسبب بالطبع أن من يوالي العقيد لا زال بوسعه الحصول على الكثير من أموال النفط القادمة من الخارج، في ذات الوقت الذي يحصل فيه على امتيازات جراء بقائه، وهي امتيازات بروحية القبيلة وليست بروحية الحق والعدل والمساواة في دولة تحترم المواطن بعيداً عن تصنيفات السادة والعبيد.

إنها الأزمة المتعلقة بحبل الخارج الذي يمنح العقيد فرصة أن يكون قريباً وبعيداً في آن، أن يكون خارج اليمن وأن يسيطر عليه في ذات الوقت، وهي أزمة يصعب القول أن صانعيها ينطلقون من الحرص على اليمن وأهله، بقدر حرصهم على إفشال الثورة، بل إفشال سائر الثورات التي تشعرهم بالقلق، هم الذين يبذلون كل الجهد من أجل إبقاء كل شيء على حاله في العالم العربي.
أما الخارج (الدولي) فيتواطأ معهم، لأنه حريص كل الحرص على بقاء ذات المنظومة ما دام بالإمكان الحفاظ عليها، ولو أيقن أن بوسعه الحفاظ على معمر القذافي أو حسني مبارك أو بن علي لما قصر في ذلك، لكنها الخلافات بين أركانه تبعاً لضعف القبضة الأمريكية على الوضع الدولي، ومعها الشعور بأن أولئك ساقطون لا محالة، ولا مناص من التعامل مع الأوضاع الجديدة.
على أن ذلك لن يثني الشعب اليمني عن إتمام مسيرته رغم أن قوى المعارضة ليست منسجمة، بل ربما كان بعضها مخترقاً من قبل الخارج بشقيه العربي والدولي، حيث يتلقى الهبات والمعونات، ما يعني أنه سيواصل المسيرة ولن يرضى بعد هذا الجهد والعذاب والتضحيات أن يعود عبداً في مزرعة العقيد وعائلته.
لا نعرف كيف سينتهي المشهد اليمني، لكن احتمال الحسم العسكري يمكن أن يكون حلاً مع نظام يستند إلى الخارج في تجاهله لأصوات الغالبية الساحقة من اليمنيين، في ذات الوقت الذي يبدو مستعداً لتدمير البلد مقابل بقائه في السلطة.
* نقلاً الدستور الأردنية

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد