المثقف ـ أو ما يسمى بـ"النخبة" ـ هم حجر الزاوية في بناء الأوطان ورقي الشعوب، لأنهم القادرون وحدهم على قيادة التحولات التاريخية وفق روية علمية ثاقبة تقرأ ما وراء الأحداث وتضع لها الإحتمالات والخطط الهادفة إلى النهوض بالأوضاع الإقتصادية والثقافية والسياسية والمواكبة لحركة التطورات والمستجدات على المستوى الوطني والإقليمي والدولي.. وأي تعارض مع هذه النظرة المستقبلية المتكئة على القدرات الوطنية الفاعلة لن يحالفها النجاح، والتجارب بهذا الشأن أكثر من أن تحصى منها: "تجربة القبائل الماركسية في الجنوب"
أقول ذلك لما أراه اليوم من تستطيح فكري وسلوكي لمثقفي وسياسي أبين، بعد النكبة التي منيت بها المحافظة، حين احتلها ا لمسلحون يتواطئ سلطوي لا تخطئه العين وأصبح يعيشون في الشتات.
أبناء محافظة أبين في محافظة عدن ولحج وربما مناطق أخرى يبدو أنهم قد أصيبوا "بلعنة الفراعنة" كما يقال: أو أنهم ما يزالون يعيشون تحت تأثر الصدمة.. تراهم مشتتون متفرقون لا يجمعهم جامع وهمهم البحث عن مساعدات إنسانية وأفضلهم من يحاولون الإشراف على توزيع هذه المساعدات، وإن كان هذا الدور لا يليق بالنخب المثقفة ليصبوا مجرد "موزعين" وهم المناط بهم التأثير الايجابي المساهم في وضع حد لمأساتهم ووضع الخطط الهادفة إلى إنهاء هذه المأساة من خلال الدعوة إلى اللقاءات والحوارات لبلورة مبادرة ما أو تشكيل ضغط شعبي على السلطات المحلية لأبين، التي يعيش رموزها في الفنادق الفخمة في عدن ويصرفون ميزانية المحافظة ببذخ وكأنهم يعيشون في باريس وليس على حساب شعب شرد قسراً عن بلده وهم السبب الرئيسي في ذلك التشرد..
تصوروا معي أن يسكن مسؤولو أبين فندق "ميركوري" بخور مكسر عدن، الذي سعر الليلة الواحدة فيه بـ"15" ألف ريال.. هل يعقل هذا؟!.
وهذه صور من صور الفساد الذي يلف رموز سلطة أبين الغارقة حتى الإذنين فيه ومع هذا وغيره لم نر مثقفي أبين ينتفضون ويجمعون ا لناس في وقفات احتجاجية ويقيمون الندوات ويتواصلون مع الإعلام الفضائي ويحركون الساحة السياسية وينبذون التفرقة ويدعون إلى جمع الصف في مواجهة هذه الكارثة الإنسانية التي حلت بمحافظتهم وسلطة سياسية أرادت أن تحولهم إلى مجرد "شحاتين" يتكففون المنظمات الإنسانية.
أيها المثقفون: لا تضعوا أنفسكم في المكان الخطأ.. فتوزيع المواد الغذائية والمعونات ليست مهمتكم في هذا الظرف.. أنها مهمة الجمعيات الخيرية أو حتى المواطن العادي إذا توفرت فيه الأمانة..
أنتم يجب أن تكونوا صوت المظلومين وضمير المقهورين وقيادات فاعلة تسعى لتغيير هذا الوضع المفروض على أبناء أبين كما فرض على الوطن كله دعوة صادقة أوجهها إلى كل مثقف وسياسي وذي رأي إلى نبذ الخلافات الماضية حزبية أو سياسية أو غيرها وتولت من أجلها الدماء الطاهرة.
أتى العيد وأنتم صامدون بصبركم وبخيامكم من أجل جميع أبناء الوطن، منتظرين ما تبقى لاكتمال الفرحة , حتما سيطل عليكم النصر والذي قد تحقق جزء كبير منه بعد أن فقد الحاكم شعبيته وانكشفت عورته.
لكن يجب أن تدركو أن وسام شرف عظيم موضوع على صدر كل يمني, لأنكم طردتم الخوف واستبدلتموه بالحرية, أنتم بقلوبكم الطيبة تمثلون كابوساً وشبح خوف يلاحق القتلة والعابثين بالوطن.
أكرر وأقول لكم من أعماق قلبي وأغوار روحي: من العايدين ومتوجين بابتسامة النصر في لوحة مشرقة تعملون على استكمالها عما قريب.
معاودتي لكم تستمر وتبقى لكم أيها المرابطون في كل ساحات الحرية والتغيير ,فأنتم الثوب الجديد الذي ستلبسه اليمن.
وكل عام وأنتم ثوار يمننا بألف خير
منصور بلعيدي
إلى مثقفي أبين: أتحدث؟! 1874