الحديث اليوم عن ليبيا هو حديث ذي شجون خاصة وأن الثوار قد خطوا للمستقبل تاريخاً يدعو للفخر والإكبار تماماً كالتاريخ كالذي تركه أسد الصحراء وشيخ الشهداء(عمر المختار) مفخرة لجيل اليوم وكل الأجيال لا بل للعالم أجمع, عمر المختار الذي حارب الطليان وهو يبلغ من العمر52 عاما لأكثر من عشرين عاماً في أكثر من ألف معركة واستشهد بإعدامه شنقاً أمام شعبه في سبتمبر1931م، ترك هذا الرجل أثراً لن ينسى حتى في نفوس أعدائه الذين قهرهم بقوة الصمود والصلابة والثبات على المبدأ مهما كانت المغريات المعروضة له، فهاهو الجنرال الإيطالي(غرسياني) يسأله يوماُ: لماذا حاربت بشدة متواصلة الحكومة الفاشستية؟ .
أجاب الشيخ: من أجل ديني ووطني.
ما الذي كان في اعتقادك الوصول إليه؟ لا شي إلا طردكم لأنكم مغتصبون أما الحرب فهي فرض علينا وما النصر إلا من عند الله.. لما لك من نفوذ وجاه في كم يوم يمكنك أن تأمر الثوار بأن يخضعوا لحكمنا ويسلموا -
أسلحتهم؟
-لا يمكنني أن أعمل أي شيء وبدون جدوى نحن الثوار سبق أن أقسمنا أن نموت كلنا الواحد بعد الأخر ولا نسلم أو نلقي السلاح. .
وهكذا يستطرد (غرسياني) حديثه "وعندما وقف ليتهيأ للانصراف كان جبينه وضاء كأنه هالة من نور تحيط به فارتعش قلبي من جلالة الموقف "أنا الذي خاض معارك الحروب العالمية والصحراوية ورغم هذا فقد كانت شفتاي ترتعشان ولم أستطع أن أنطق بحرف واحد، فأنهيت المقابلة وأمرت بإرجاعه إلى السجن لتقديمه إلى المحاكمة في المساء عند وقوفه حاول أن يمد يده لمصافحتي ولكنه لم يتمكن، لأن يديه كانت مكبلة بالحديد".
كانت آخر كلمات عمر المختار قبل إعدامه: "نحن لا نستسلم... ننتصر أو نموت.... وهذه ليست النهاية... بل سيكون عليكم أن تحاربوا الجيل القادم والأجيال التي تليه... أما أنا فإن عمري سيكون أطول من عمر شانقي" .
ولا تسأل عنه كيف مات، بل سأخبرك كيف عاش وملأ الدنيا وشغل الناس واليوم أحفاده الأشاوس في طرابلس ومصراته وبنغازي والزنتان والجبل الغربي سطروا أروع لوحات للنضال وللكرامة العربية، فهاهو القذافي وأولاده قد دخلوا التاريخ من أبشع وأسود أبوابه ليكونوا عبرة لكل جبابرة الأرض ولكل الحكام العرب الذين يغنون و يرقصون على جماجم الشعوب. (اللي بعده) وعلى من سيكون الدور القادم؟؟ هل حان دور علي أم أن بشار قبله؟؟ أم أن الشعوب العربية وشعوب العالم المظلومة ستثور وستتحرر ونحن لازلنا نرابض في ساحتنا نحاور من أجل توقيع ومبادرة تهين أنهار الدماء الطاهرة التي سالت وروت عطش الأرض، وحدوا الصف والكلمة كإخوانكم في ليبيا الحرة..وانتزعوا حريتكم انتزاعاً, فلا تنتظر الشعوب حريتها من أنظمة فاسدة مستبدة ولا تحاور في دماء أبطالها بل تقاتل وتكافح من أجل استلابها من كل معتد غاصب..لن تنزل علينا الحرية هدية مغلفة في ليلة قدر، بل اصنعوا قدركم معها واختاروا الحياة لتستجيب كل الأقدار لأرادتكم الحرة وعزيمتكم للحياة.دعكم من السياسة التي أرهقت الوطن دهراً وأهدوا العالم معنى جديداً لسياسة الحرية من أجل الجميع والجميع يقاتل من أجل الحريةً وأسقطوا حولكم كل الأقنعة المزيفة وأعيدوا لأمتكم مجداً وتاريخاً وحضارة أضعناها يوماً ونستمر اليوم في أضاعتها لانقسامنا وتشرذمنا.
أيها الأحرار والحرائر في ليبيا الشموخ سقطت الآن آخر قلاع الخوف.. بعد سنين القهر والإحباط وبفضلكم يرفع المواطن العربي رأسه شامخا متحديا كل صراع... وقد عاش سنيناً طوالاً منكساً رأسه دافناً هويته العربية في التراب، لكن بربيع ثورتكم ستتحرر بلادي وستزهر حقولها قمحا وكرامة وحرية وكبرياء...تاريخ عظيم سيفخر به الأحفاد ودم غزير سال واشبع عطش الأرض...شموخكم نحت في إرادتنا كلمتين لا ثالث لهما.. إما أن نموت أو ننتصر...ولأنكم انتصرتم اليوم بالتأكيد سيكون لنا مثلكم مع النصر ميعاداً لعله قريب...شكرا لكم يا ثوار مصر وتونس وسوريا وليبيا.. شكراً لكل أبطال الثورة اليمنية الشهداء والجرحى والمعتقلين في السجون الذين نحتوا قبلكم في صخور هذا الوطن أعرق صفحات النضال وشكراً لمن جاء بعدكم ليعيد الفجر المشرق لوطن نسفته العبودية وأشباح الظلام لأعوام طويلة , آن الأوان أن تناضلوا من أجل الحرية..ما أجمل هذه الكلمة وما أعذبها على كل نفس مظلومة ومسلوبة وعلى كل حنجرة ثائرة تصرخ بها منذ سنوات..شكراً أيها الثوار لقد أهديتمونا كل الكرامة والكبرياء...ما أبشع أن تكون عبداً ضعيفا في هذه الدنيا وما أجمل أنفاس الحرية.
شيماء صالح باسيد
ليبيا حرة.. اللي بعده!! 2302