رحم الله الشهيد الثلايا حينما قال: "أردت له الحياة وأراد لي الممات"، هكذا كرر كثير من الناس اليوم هذه العبارة حتى سمعنا أحدهم يقول: والله شعب عرطة، وقال بعض من ينظرون إلى الوضع الراهن ولا يستشرقون المستقبل بأن هذه الثورة ورطة.
إذاً هل نحن فعلاً أمام شعب عرطة، وثورة ورطة؟
نقول لكل من يرى بهذا المنظار القاصر، ولكل من يفهم هذا المفهوم الحائر، إن شعبنا خرج بملء إرادته، يحمل على عاتقه مسؤولية وطن، نزل إلى الميادين ولم يخش زمجرة الوحوش وتهديد أصحاب الفخامة والكروش، ملأ الساحات والميادين مدنية وحضارة وأسقط مشروعاً أهلك البلاد وكان يراد له أن يبقى لحكم الأبناء والأحفاد.
إن شعباً خرج بجميع شرائحه وألوانه، وبكل قوته وعنفوانه، يطالب بالحرية المسلوبة، ويردد أنه لن يخون عهد الأجداد الذين مضوا في قوافل التغيير والشهادة وأنه سيثبت للعالم بأن أهل الحكمة والإيمان هم أهل سلم وسلام، ومحبة ووئام.
إن أمة بهذه الهمة وشعباً بهذه الإرادة لا يستحق كل هذا الجفاء، بل نرفع القبعات له إجلالاً وإكباراً، صحيح أن هناك بعض الأصوات شهدت بشهادة الزور وأيدت الظلم والجور، لكنها لا تمثل إلا فرداً وزمرة تريد أن تتاجر بقضية وطن، هذا الوطن الذي قدم لنا كل شيء ولم نقدم له أي شيء، آن الأوان أن نقدم له القرابين ونرد له الجميل ونعوضه عن فترات البؤس والحرمان السابقة.
ونقول لكل المتململين اليائسين الصامتين: "لا تقنطوا من رحمة الله"، ولا تحملوا الثورة ما لا طاقة لها به، ثورة حققت ما لم نكن نحلم به، أسقطت النظام المستبد، وأنهت مشروع التوريث إلى الأبد، ثورة أحس فيها أبناء هذا الوطن ولأول مرة بوحدة المشاعر والقلوب ووحدة الهموم والكروب.
ثورة لم تستمر سوى بضعة أشهر وحققت ما لم نكن نحلم به لسنين، واسألوا ثورتي "سبتمبر وأكتوبر" المجيدتين إن كنتم لا تعلمون، ستجيبكم بالسنين والأعوام، وعدد الشهداء الكرام، عندها فقط "سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون" وسيقولون فعلاً: الشعب عظيم، والثورة خالدة، والوطن ملكٌ للجميع.
فاروق مريش
شعب عرطة.. وثورة ورطة 2077