استوقفتني عبارة يردها البعض هذه الأيام وهى أن الاقتصاد اليمنى بدأ في الانهيار أو على حافة الانهيار، ولا ندرى ما تعريف هؤلاء للانهيار الاقتصادي وما مؤشراته برأيهم، حتى يفيقوا الآن ويرددوا هذه العبارة، ألا يعوا أن اليمن مصنف ضمن الدول الست الأكثر فشلا في العالم، مما ينفي وجود الدولة أصلا منذ زمن.
ألم ترد إلى مسامعهم تحذيرات المنظمات الدولية المعنية وأصدقاء اليمن الذين بحت أصواتهم وهم يرددون أن الأوضاع في اليمن وصلت إلى مراحل غير محتملة وأن البلاد تنهار، هذه الأوضاع المزرية التي يتحمل مسئوليتها نظام فاسد جثم على صدر البلاد لأكثر من 30 عاما، استنزف وبدد خلالها كل الثروات والمقدرات، هذا عدا عن انعدام أي مشروع أو رؤية سياسية أو اقتصادية للنهوض بالبلاد أو على الأقل تجاوز أزماتها، وذلك بشهادة الرئيس صالح نفسه، حين وصف المنشقين عن نظامه في أحد خطاباته بأنهم «نهابين.. فاسدين.. لا يملكون أي رؤية سياسية أو اقتصادية» ولنا أن نتساءل هنا من منهم استمر في منصبه لـ30 عاماً حتى يتحمل مسئولية كل شيء، صالح فقط هو الذي استمر كل هذه المدة، في حين تبدلت الشخوص والقيادات الأخرى على المناصب الخدمية تباعا، فلماذا لم تتغير السياسات؟.
صحيح أن البلاد تعيش اليوم أزمة خانقة مع استمرار انعدام الوقود والغذاء والكهرباء، لكننا مازلنا نصر على أن الأزمة إلى حد كبير مفتعلة بهدف التضييق على الناس، وإلا ليخبرونا أين ذهبت المنحة النفطية السعودية، التي يشهد الجميع أنها بيعت في السوق السوداء ووزعت على المرضي عنهم من قبل النظام.
هؤلاء الذين يتباكون اليوم على انقطاع الكهرباء لأكثر من 18 ساعة متواصلة، وهى بالفعل مصيبة تستحق اللطم والبكاء، لكن ليخبرونا كم ساعة كانت تنعدم الكهرباء في البلاد خلال السنوات الأخيرة، ألم تكن الكهرباء تقطر تقطيرا وتنقطع لأكثر من 8 ساعات يومياً، عدا عديد القرى التي لم تعرف الكهرباء أصلاً.
اليمن لم تكن سويسرا حتى يذرفوا كل هذه الدموع.. نعم الأوضاع التي يعيشها الناس اليوم مأساوية بكل المقاييس لكنها للمرة الأولى توزع بعدالة وتطول الجميع، فهؤلاء المتباكون لم يكونوا يشعرون من قبل بأزمة الوقود والنقود والتعليم والبطالة والصحة وانعدام الأمن، لأنهم كانوا يحلقون في كوكب آخر.
ويبقى أن الثورة والثوار لن يتراجعوا لأنهم أصحاب حق وقضية عادلة ولا يملكون ما يخسرون.. لا تتباكوا كثيراً فقط ارحلوا وستحل نصف الأزمات.
نقلاً عن الشروق المصرية