اجتمعت أحزاب اللقاء المشترك المعارض في اليمن للبحث أخيراً في تشكيل مجلس حكم انتقالي، سيضم جميع أطياف وقوى المعارضة في الداخل والخارج، خطوة وإن جاءت متأخرة، لكنها تبقى بالتأكيد خيراً من ألا تأتى، وهي تصعيد نوعي مهم في مسيرة الثورة السلمية الشعبية، وبذلك عادت المعارضة الرسمية إلى حاضنتها الشعبية.
صحيح أن هذه الخطوة يمكن أن تكون مجرد ورقة ضغط تلوح بها المعارضة مجدداً، لكنها في الحالتين تبقى مكسباً للثورة، فإن نجحت كورقة ضغط، فأنعم بها وأكرم، وإلا لنتجه لتشكيل المجلس وهو في كل الحالات خير عظيم.
تقتضى الأمانة إنصاف المعارضة الرسمية بعد سيل الاتهامات الموجهة إليها، رغم إشادة الخبراء بأنهم يديرون اللعبة السياسية حتى الآن بشكل جيد، وإن كنت اتفق بأنه لا يتماشى مع منطق الثورة، مع ذلك يبقى متسقاً مع الظروف الخاصة للبلاد والموقف الدولي الفريد في التعامل مع ملف اليمن، والذي لا يمكن أن يرى هذا الملف بمعزل عن قضايا الإرهاب، فمن واجب تكتل المعارضة الرسمي ممارسة كل ما تملك من أساليب ووسائل سياسية لتحقيق الهدف المتمثل بانتقال السلطة سلمياً بأقل كلفة يمكن أن تتحملها البلاد.
ويبدو أن هذا ما كان يجعلها تتريث حتى الآن، بعد أن استنفدت كل طرقها بالتحاور مع من تعتبرهم عقلاء النظام الحاكم، وبعد كل المشاورات الإقليمية والدولية لإدخال المبادرة الخليجية حيز التطبيق الفعلي.
والواضح أن كل هذه الجهود لم تأت أكلها، وإن المتشبثين بالسلطة لا ينوون التخلي عنها، خاصة بعد تصريح القائم بأعمال صالح النائب عبدربه منصور هادى الذي سكت دهراً ثم نطق بما أكد أنه من عشاق دكة الاحتياط للأبد، ويبدو أن صالح كان واثقاً من ذلك، وإلا لما كان وضعه في هذا المنصب أصلا، لذا قرر اللقاء المشترك أنه لم يعد للخطوة الثانية من بد.
ومن الإنصاف كذلك الإشادة بموقف الشباب والثوار في الساحات وصمودهم الأسطوري، وإصرارهم على مطالبهم الواحد تلو الآخر، فلولا هذا الإصرار ربما لم تكن خطوة المعارضة للبحث في تشكيل المجلس لتأتي، وربما لما استطاعت المعارضة الرسمية أن تحاور أحداً، ولما التفت إليها أحد لا من النظام ولا من الخارج.
علاقة الشد والجذب بين شباب الساحات والمعارضة الرسمية خدمت الثورة على عكس ما يروج له المناوئون، فلولا هذا الضغط من قبل الثوار وحرص المعارضة الرسمية على ألا تفقد هذا الزخم وإيمانها بمطالبهم، لما تقدمت الثورة.
* نقلاً الشروق المصرية
وسام باسندوه
المعارضة الرسمية في دائرة الضوء مجدداً 2019