وأخيرا لجنة تقصى الحقائق في اليمن بعد مرور خمسة أشهر من انطلاق الثورة، وبعد العديد من المطالبات الشعبية ومناشدات المنظمات الحقوقية المحلية، فقد شهدت البلاد أحداثا جسيمة، ابتداء بجمعة الكرامة فى الـ18 من مارس بصنعاء، والتي راح ضحيتها أكثر من خمسين شهيدا ومئات الجرحى. مرورا باقتحام ساحة الاعتصام في مديرية المنصورة بعدن، ومحرقة ومجزرة ساحة الحرية بمدينة تعز، وغيرها الكثير.
تأتى زيارة البعثة الأممية للبلاد بعد تأجيلها مرتين في السابق بسبب رفض النظام وتخوفه من هذه الزيارة، متحججا ومخوفا في كل مرة بالظروف الأمنية. التقى الوفد عددا مما تبقى من قيادات النظام وممثلين عن المعارضة، كما زار ساحات الاعتصام والمستشفيات الميدانية واستمع إلى شهادات المصابين. وبرغم أهمية هذه الخطوة فإنه من الضروري التأكيد على أن الانتهاكات التي تشهدها البلاد لم تعد مقصورة على هذه المدن الكبرى، كل المدن والمحافظات والقرى اليمنية تعانى، فقد شهدت الحديدة وأب والبيضاء العديد من الانتهاكات بحق المتظاهرين، والحديث يدور عن وجود مقابر جماعية واحتجاز للجثث.
كما تتعرض قرى أرحب شمال العاصمة صنعاء لقصف متواصل غير مبرر للمنازل السكنية الآمنة، يسقط فيه يوميا العشرات من النساء والأطفال ولا يتحدث عنه أحد. بالإضافة إلى الأزمة الخانقة المفتعلة التي تعيشها البلاد اليوم من أزمة وقود وماء وكهرباء، وما نجم عن ذلك من تعطل كامل للحياة وعودة الناس للعصر الحجري.
أما المحافظات الجنوبية فحدث ولا حرج فهي بحاجة وحدها إلى بعثة تقصى حقائق خاصة لمعرفة ما يدور في محافظات الضالع وأبين وشبوة ولحج والمكلا وغيرها، وكيف تسلم مديريات المحافظات إلى عناصر مشبوهة تنسب للقاعدة، وما يتعرض له السكان هناك من معاناة متواصلة تارة من قبل سياسات النظام التجويعية والترهيبية، وتارة بسبب القصف والاشتباكات. بالإضافة إلى رصد معاناة اللاجئين من هذه المحافظات والذين رفع عنهم النظام يده تماما، فلم يستقبلوا أى معونة أو دعم حكومى. هذا بالإضافة إلى شهداء ومصابى ومعتقلى الحراك الجنوبي، فدماؤهم ليست أرخص من أحد ولم تسقط بالتقادم، هم أصحاب قضية عادلة لهم الحق في أن ينظر العالم بأسره إلى معاناتهم.كما لا يمكن تجاهل انتهاكات حرية الرأي والتعبير، ففي كل يوم تصادر العديد من الصحف وتسحب التراخيص، وهذا ليس بجديد، فالقمع والإجرام هو ديدن هذا النظام وليس مجرد ردة فعل مؤقتة.
أزمتنا ومعاناتنا في اليمن كبيرة ووقت اللجنة الأممية ضيق مع الأسف، ونبقى في انتظار التقرير الذي نأمل أن يكون منصفا.
الشروق المصرية