رغم سقوط سلطة الرئيس صالح عملياً بفعل ثورة اليمنيين إلا أن هذه الثورة لا زالت تواجه تحد حقيقي في عملية استكمال نقل سلطة الرئيس صالح.
إنها إشكالية حقيقية محسوسة ومشاهدة، فمهما تسارعت الأحداث وتغيرت موازيين القوى يظل المشهد واقفاً عند حاله، رغم كل التغيرات.
مبادرة الأشقاء لا زالت تطل بقرنيها عقب كل حدث، وتفرض نفسها من جديد كحلٍ وحيد للأزمة، دون الإلتفات للمتغيرات التي حدثت في موازيين القوى الداخلية.
الرئيس/ صالح يظل وكأنه بشحمه ولحمه طرفاً فاعلاً في الأزمة، رغم أنه حبيس المرض في أحد مستشفيات الرياض.
إن كان هناك من دلالات في توقف هذا المشهد من الثورة اليمنية على هذا النحو، فهي أن الأشقاء الإقليميين والشركاء الدوليين قد حسموا أمرهم استراتيجياً على أن يكونوا فاعلين أساسيين في تحريك هذا المشهد المتمثل في نقل السلطة، وبالتالي حسمه بأنفسهم ووفق خياراتهم وبما يلبي تطلعات اليمنيين نحو التغيير إلا أن مثل هذا الحسم قد لا يتأتى إلا بعد أن يكون الأشقاء والأصدقاء قد ضمنوا حضورهم وعبر أدواتهم في كل تفاصيل الترتيبات لمرحلة ما بعد حسم خيار نقل السلطة بالقدر الذي يضمن لهم شراكتهم في كل ملامح النظام القادم وتباشير العهد الجديد.
الدلالة الأخرى هي أن أطراف المعادلة السياسية الوطنية وصناع القرار الوطني في اليمن، ورغم قدراتهم الخارقة في تغيير موازيين القوى الداخلية، إلا أنهم لا يرغبون بالإنفراد بحسم هذا المشهد النهائي من الثورة بمعزل عن إرادة الأشقاء والأصدقاء، لأنهم يعلمون ما لهذا الإنفراد من تبعات على الصعيد الوطني ومن انعكاسات على محيطهم الإقليمي والدولي، وبالتالي فهم غير مستعدين لتحمل نتائج هذا الإنفراد وتبعاته وتداعياته أمام شعبهم وأشقائهم وأصدقائهم على الرغم من أن الثوار الأحرار وجماهيرهم الثائرة ماضون في استكمال عناصر ثورتهم، وصولاً إلى تحقيق النصر الثوري الناجز، ومن ثم وضع أطراف المعادلة السياسية الوطنية والإقليمية والدولية أمام الأمر الواقع.
إذاً وباختصار شديد نستطيع القول بأن جهدنا الثوري المتصاعد قد ارتطم بعدم إلمام عناصر المنظومة السياسية للثورة بمجمل تفاصيل المتطلبات الإستراتيجية للأصدقاء الدوليين والأشقاء الإقليميين ذات الصلة بترتيب الأوضاع في مرحلة ما بعد نقل السلطة.
مثل هذا الوضع يفرض على أطراف المعادلة السياسية في اليمن فهم المتطلبات الإستراتيجية للأشقاء الإقليميين والأصدقاء الدوليين ذات الصلة بترتيب وضع ما بعد نقل السلطة في اليمن، والعمل على تكييف إستراتيجيتهم الوطنية بعض الشيء مع هذه المتطلبات، ومن ثم الوقوف عند نقطة التقاطع بين المتطلبات الإستراتيجية الوطنية والإقليمية والدولية وصولاً إلى الاتفاق التام على نظام إجرائي يكفل تحقيق إطار لشراكة وطنية وإقليمية دولية لترتيب الأوضاع لمرحلة ما بعد نقل السلطة، ووضع تصورات لملامح العهد الجديد بما يلبي تطلعات الثوار ويحقق أهداف الثورة طالما وأن هذه الأطراف الوطنية قد قررت عدم الانفراد في تحريك وحسم هذا المشهد.
عبده سالم
إشكالية نقل سلطة الرئيس صالح 2412