* ما قبل الثورة:
في بلاد الواق واق خفافيش الظلام تحوم في الأرجاء، ترغمنا أن ننكر الأوضاع، أن نكتم الحزن في عيوننا ونكتم الأوجاع، لكن إلى متى نحبس في الداخل؟ نجلد في الداخل؟ نموت في الداخل؟، نصارع من أجل البقاء؟، إلى متى نسحق حتى الأعماق في بلاد الواق واق؟، صرخ في الحراس: أوصدوا الأبواب، أغلقوا النوافذ اقتلوا كل رضيع، قطعوا كل الأثداء، هيا انهشي أجسادهم يا ذئاب واسخري من قذارتهم يا ذباب، فهذا شعبُ أبكمً لا يقرأ كتاب لا يفهم كتاب.
هذا هو شعب الواق واق وأنا من غربتي أعود للوطن المنشود فلا أجده!، أبتسم وأصرخ لشدة ما يرعبني الجمود والخواء حتى (حبيبي) قد طواه الصمت وتركني حائرة بين عالم الموتى والأحياء، حتى هذه النافذة الخاوية الزرقاء مغلقة خرساء وشعب الواق واق يصرخ فيني: واصلي البكاء.. واصلي البكاء! كنت صغيرة.. مجروحة, مقهورة أحاول أن أجمع بعض دمعي لأكتب في وطني قصيدة، أحاول أن اخذ من شعري خصلة لأنقذ الجزر الغريقة، أحاول أن أقفز فوق سور السجن وأرحل بعيدة عن بلاد الواق واق..لكن صرخ فيَّ الحراس من جديد: اقتلوها، فهي تكتب القصيد لتحرض الشعب البليد، متُ أنا قبل قليل.. وقد كنت أحلم بشعب يهوى الانعتاق، بشعب يأبى الانسحاق، كنت أحلم بثورة بلاغها يذاع من بلاد الواق واق..
* ما بعد الثورة:
ما أجمل بلاد (الواق واق)، منذ شهور عديدة كانت (الوقوقة) ممنوعة ومحرمة على كل مواطن ومواطنة، ربما كان البعض هنا وهناك يوقوق من حين لآخر تحت السقف المسموح به، لكن عواصف العبودية والفساد كانت أشد من أن تطاق، فقرر الشعب أن يحطم السقف ويجعل الوطن هو سقفه الجديد من الآن وصاعداً, سالت الدماء من أجل الكرامة ومن أجل أن تنعم بلاد الواق واق بشمس دافئة بعد سنوات طويلة من حرارة شديدة أحرقت الأخضر واليابس, لا يزال الشعب في عنفوانه ولا تزال الثورة في ريعان الشباب، رغم محاولاتهم البشعة لوأدها وهي حية ترزق, كل ما حدث مقدمة لعصر جديد، ليبدأ بشكل صحيح عليه أن يتخلص نهائياً من كل رواسب الماضي وأشباحه، لكن كل ما يحدث اليوم هو دليل على رغبتهم الشريرة في إخماد نيران الثورة وإحراق ذلك الجزء الحي النابض من جسد (الواق واق) المثخن بالجراح.. هل ستنجح الثورة؟ وهل سيصمد الشعب على قضية الحرية التي ناضل وخرج من أجلها؟؟ خيبات أمل متلاحقة تنزل على بلاد (الواق واق) كالقضاء العاجل.
الثورة الثالثة يحاولون اغتيالها مثلما اغتالوا أخوات لها من قبل، لكن هذا الشعب هادر وصامد ولأنه قد حطم جدار الصمت القاسي، ربما هو قادر اليوم الدفاع عن قضيته وتحطيم كل العقبات والعثرات في طريقه الذي فرشه بالورود، بعيداً عن البارود الذي ضاقت به صدورنا، فمنذ سنين تلوث هوائنا به وقد آن الأوان لبلاد ( الواق واق) أن تتنفس الصعداء وأن تستنشق هواء الحرية النظيف الذي يشفى الصدور ويزيل كل الكروب.
Sheema_b88@yahoo.com
شيماء صالح باسيد
بلاد الواق واق 2152